للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل أن يُردَّ إليه حقُّه، فأكثر العلماء يقولون: لا؛ لأن ذلك إنما هو من فعله، وهو مَن أحضر البذر وزرعه في تلك الأرض.

قوله: (وَعَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ كلَّ مَا لَا يَنْتَفِعُ الْغَاصِبُ بِهِ إِذَا قَلَعَهُ وَأَزَالَهُ أَنَّهُ لِلْمَغْصُوبِ، يَكُونُ الزَّرْعُ عَلَى هَذَا لِلزَّارعِ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ فَقَالُوا: الزَّارعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لَهُ نَفَقَتُهُ وَزَرِيعَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ كَثيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ).

هؤلاء قالوا إذا زرع الغاصب زرعًا في أرض؛ فإن الزرع يكون لصاحب الأرض؛ أي: المالك، وللغاصب له فقط نفقته.

قوله: (وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَرُوِيَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّهُ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَهُ نَفَقَتُهُ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيءٌ" (١)).

هذا الحديث نصٌّ في هذه المسألة، فيؤخذ به، وليس له من الزرع شيء، لكن له نفقته التي أنفقها، والمالك سيستفيد بأخذ ذلك الزرع.

قوله: (وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَضَاءِ فِيمَا أَفْسَدَتْهُ الْمَوَاشِي وَالدَّوَابُّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ مُرْسَلَةٍ فَصَاحِبُهَا ضَامِن لِمَا أَفْسَدَتْهُ (٢).


(١) أخرجه أبو دا ود (٣٤٠٣)، والترمذي (١٣٦٦) وقال: "حسن غريب "، وصححه الألباني في "الإرواء" (١٥١٩).
(٢) وهو مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (٦/ ٦٠٨ - ٦٠٩) قال: "ومن أرسل بهيمة أو كلبًا ملتقى، وكان خلفها سائقا لها فأصابت في فورها ضمن؛ لأنه الحامل لها، وإن لم يمشِ خلفًا فما دامت في دورها فسائق حكمًا، وإن تراخى انقطع السوق فالمراد بالسوق المشي خلفها والمراد بالدابة الكلب زيلعي ".
وقال ابن عابدين في "الحاشية" (٦/ ٦١٢): "ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعًا على فورها ضمن المرسل، وإن مالت يمينًا أو شمالًا وله طريق آخر لا يضمن لما مر اهـ، قوله وتمامه في البزازية: من ذلك ما قدمناه آنفًا، ومنه قوله سائق حمار =

<<  <  ج: ص:  >  >>