للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا حق لله لا يُسقط حق المخلوق، وكذلك حق المخلوق لا يُسقط حق الله.

قوله: (وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوجِبِ الصَّدَاقَ، فَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَيَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ حَقَّانِ: حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْمَخْلُوقِ، سَقَطَ حَقُّ الْمَخْلُوقِ لِحَقِّ اللَّهِ، وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ عَلَى السَّارِقِ غُرْمٌ وَقَطْعٌ).

لكنَّ هذا غير مُسلَّم؛ فإنَّ السارق -مثلًا- يُؤخذ منه ما سرق، وتُقطع يده " كما قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: ٣٨]، وأيضًا يُؤخذ ما عنده من المتاع.

إذًا فالحنفية بنوا ذلك على أصلهم المعروف، ومذهب الجمهور هو الراجح في هذه المسألة.

قوله: (وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ مُقَابِلَ الْبُضْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ، إِذْ كَانَ النِّكَاحُ شَرْعِيًّا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا صَدَاقَ فِي النِّكَاحِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ الشَّرْعِ).

ولكنَّ هذا أَوجد نقصًا يتضرَّر به السيد؛ لأنَّ الجارية قد وُطئت، وكذلك حصل اعتداء على المرأة نفسها فترتب عليه ذلك المهر.

قوله: (وَمِنْ مَسَائِلِهِمُ الْمَشْهُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ غَصَبَ أُسْطُوَانَةً فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً يُسَاوِي قَائِمًا أَضْعَافَ قِيمَةِ الْأُسْطُوَانَةِ).

المراد بالأسطوانة (١): العمود، والجمع أعمدة، هذا بإطلاق الفقهاء،


(١) الأسطوانة، بالضم: السارية، والغالب عليها أنها تكون من بناء بخلاف العمود، فإنه من حجر واحد، وهو معرَّب أستون عن الأزهري، وهي فارسية، معناها المعتدل الطويل. انظر: "تاج العروس" للزبيدي (٣٥/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>