للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَعُمْدَةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: اسْتِصْحَابُ الْحَالِ).

أهلُ الظاهر يقولون: ألستم قد أجمعتم على أنَّه يجوز للإنسان أن يَتبرَّع ولو بجميع ماله في حياته، فقالوا: ما الفرق بين المريض وبين الصحيح؟ هذا هو استصحاب الحال (١).

قوله: (أَعْنِي: حَالَ الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ هِبَتِهِ فِي الصحَّةِ وَجَبَ اسْتِصْحَابُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ فِي الْمَرَضِ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ الدلِيل مِنْ كِتَابٍ أو سُنَّةٍ بَيِّنَةٍ، وَالْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ) (٢).

يعني: حديثَ الستة الذين دبَّرهم فإنَّهم قالوا: هذا خاصّ بالوصية.

قوله: (وَالْأَمْرَاضُ الَّتِي يُحْجَرُ فِيهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ هِيَ الْأَمْرَاضُ الْمَخُوفَةُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ الْحَالَاتُ الْمَخُوفَةُ (٣)).


(١) قال ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٣٥٤): "ثم نسألهم، عن مال المريض لمن، ألَهُ أم للورثة؟ فإن قالوا: بل له كما هو للصحيح. قلنا: فلم تمنعونه ماله دون أن تمنعوا الصحيح، وهذا ظلم ظاهر. ولو قالوا: بل هو للورثة. لقالوا الباطل؛ لأن الوارث لو أخذ منه شيئًا لقضي عليه برده، ولو وطئ أمَةَ المريض لحدّ، ولو كان ذلك لما حلَّ للمريض أن يأكل منه هو ومن تلزمه نفقته من غير الورثة. ولا ندري من أين أطلقوا للمريض أن يأكل من ماله ما شاء، ويلبس ما شاء، وينفق على من إليه من عبيد وإماء. وإن أتى على جميع المال، ومنعوه من الصدقة بأكثر من الثلث. إن هذا لعجب لا نظير له فظهر فساد هذا القول جملة وتعريه، عن أن يوجد، عن أحد من الصحابة، وإنما وجد، عن نفر يسير من التابعين مختلفين، وقد خالفوا بعضهم في قوله في ذلك ".
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (٩/ ٣٥٨).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي و"حاشية ابن عابدين" (٦/ ٦٦٠ - ٦٦١) قال: " (قوله إن طالت مدته سنة) هذا على ما قاله أصحابنا، وبعضهم قالوا: إن عد في العرف تطاولًا فتطاول وإلا فلا … ثم المراد من الخوف الغالب منه لا نفس الخوف كفاية. وفسر القهستاني عدم الخوف بأن لا يزداد ما به وقتًا فوقتًا اهـ لأنه إذا تقادم العهد صار طبعًا من طباعه كالعمى والعرج، وهذا؛ لأن المانع من التصرف مرض الموت، وهو ما يكون سببًا للموت غالبًا، وإنما يكون كذلك إذا كان=

<<  <  ج: ص:  >  >>