للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز للإنسان أن يَهَب جميع أمواله لجمعية خيرية أو لمجموعة من الناس كما له أن يُوقِف ماله، وله أن يتبرع ببعضه، وله أن يهبه لشخص واحد غير من سيرثه.

وهل له أن يهبه لمن يرثه ويترك الآخرين؟ أو أن يزيد بعضَ الورثة على بعض، في هذا خلاف مشهور بين العلماء.


=وهو مردود بل احترز به عما ينقل للرشوة، أو لخوف الهجو مثلًا، فهدية أيضًا فلا دخل لها فيما لا ينقل ولا ينافيه صحة نذر إهدائه؛ لأن الهدي اصطلاحًا غير الهدية خلافًا لمن زعم ترادفهما ويؤيده اختلاف أحكامهما".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٩٧ - ٩٨) قال: "الهبة … تمليك بلا عوض، أي: تمليك ذات، وأما تمليك المنفعة فإما وقف، وإما عارية إن قيد بزمن ولو عرفًا، وإما عمري إن قيد بحياة المعطى بالفتح في دار ونحوها، ويدل على المراد بقية كلامه، وخرج بقوله: بلا عوض هبة الثواب وستأتي، فالتعريف لهبة غير الثواب وتسمى هدية … لوجه المعطى بالفتح يدل عليه قوله ولثواب الآخرة صدقة … أي: والتمليك لثواب الآخرة صدقة سواء قصد المعطي أيضًا أم لا، ولو قال المصنف: تمليك ذات بلا عوض لوجه المعطى فقط هبة، ولثواب الآخرة صدقة كان أبين؛ لأن كلامه يوهم أن الهبة مقسم وليس كذلك، وإنما هي قسم من التمليك أو الإعطاء … وصحت، أي: الهبة في كل مملوك للواهب، فلا تصح في حر ولا ملك غير بخلاف بيعه؛ لأنه في نظير عوض ينقل، أي: يقبل النقل شرعًا، خرج أم الولد والمكاتب ممن له تبرع بها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٤/ ٣٧٨) قال: "ولا تصح الهبة هزلًا ولا تلجئة بأن لا تراد الهبة باطنًا كأن توهب في الظاهر، وتقبض مع اتِّفاق الواهب والموهوب له على أنه ينزعه منه متى شاء، أو توهب لخوف من الموهوب له أو غيره؛ فلا تصح، وللواهب استرجاعها إذا زال ما يخاف، أو جعلت الهبة طريقًا إلى منع وارث حقه أو منع غريم حقه فهي باطلة، لأن الوسائل لها حكم المقاصد، فمن قصد بإعطاء لغيره ثواب الآخرة فقط فعطيته على هذا الوجه صدقة، وإن قصد بإعطائه إكرامًا أو تودُّدًا أو مكافأة فعطيته هدية، وإلا بأن لم يقصد بإعطائه شيئًا مما ذكر فما أعطى هبة وعطية ونحلة؛ أي: يسمى بذلك … وهي … صدقة وعطية وهدية مستحبة لمن قصد بها وجه الله تعالى، كالهبة لعالم وصالح وفقير، وما قصد به صلة الرحم بل الصدقة على قريب محتاج أفضل من العتق ".

<<  <  ج: ص:  >  >>