للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْضِيلِ الرَّجُلِ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْهِبَةِ) (١).


=فصل أصحاب المذاهب في هذه المسألة، ولكل دليله وتوجيهه:
فمذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ١٢٧) قال: "وينبغي للرجل أن يعدل بين أولاده في النحلى لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}.
(وأما) كيفية العدل بينهم فقد قال أبو يوسف: العدل في ذلك أن يسوي بينهم في العطية ولا يفضل الذكر على الأنثى وقال محمد: العدل بينهم أن يعطيهم على سبيل الترتيب في المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين … وذكر محمد في "الموطإ" ينبغي للرجل أن يسوي بين ولده في النحل ولا يفضل بعضهم على بعض، وظاهر هذا يقتضي أن يكون قوله مع قول أبي يوسف وهو الصحيح … ولأن في التسوية تأليف القلوب والتفضيل يورث الوحشة بينهم فكانت التسوية أولى، ولو نحل بعضًا وحرم بعضًا جاز من طريق الحكم؛ لأنه تصرف في خالص ملكه لا حق لأحد فيه، إلا أنه لا يكون عدلًا سواء كان المحروم فقيهًا تقيًّا أو جاهلًا فاسقًا على قول المتقدمين من مشايخنا، وأما على قول المتأخرين منهم لا بأس أن يعطي المتأدبين والمتفقهين دون الفسقة الفجرة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (٣/ ٣٦٩ - ٣٧١) قال: "وسئل عن الرجل يتصدق بماله كله على بعض ولده دون بعض، قال مالك: لا أرى ذلك جائزًا قيل له: فالرجل يتصدق بالدار على بعض ولده دون بعض، وهو جلّ ماله، ويخرج منها ويدفعها إليه. قال: لا بأس بذلك، وغيره أحسن منه. قال سحنون: إذا كان تصدق جل ماله، واستبقى اليسير، فلم يكن فيما يستبقي من ماله ما يكفيه ردت صدقته، وإن أبقى من ماله ما فيه قوت له رأيته صدقة ماضية. قال ابن القاسم: وأنا أكره أن يعمل به أحد، فإن تصدق به وحيز منه وقبض لم يرد بقضاء، يريد الذي تصدق بماله كله.
قال محمد بن رشد: … وأما إذا أعطى بعض ولده دون بعض ماله، وإن كان جله، وأبقى لنفسه بعضه فلا اختلاف في المذهب، ولا بين فقهاء الأمصار: مالك، والشافعي، وأبي حنيفة في أن ذلك جائز، إلا أنه مكروه لما جاء من الأمر بين أن يعدل الرجل بين ولده في العطية … فترك الرجل العدل بين بنيه في عطيته إياهم جور مكروه غير حرام … وقد اختلف في صفة عدل الرجل بين بنيه في العطية إذا كان فيهم ذكر وأنثى فقيل: على السواء، … ولا يراد من الذكر من البر إلا ما يُراد من الأنثى، وقيل: العدل بينهم، أن يعطى للذكر مثل ما يعطى للأنثى قياسًا على الميراث ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٦/ ٣٠٧ - ٣٠٨) قال: "ويسن=

<<  <  ج: ص:  >  >>