للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: رجلٌ عنده ولدان، ففضَّل أحدهما على الآخر، فهل يجوز له ذلك؟

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اتقوا اللَّهَ واعدلوا بين أولادكم" (١)، ولما جاء


= للوالد، أي: الأصل وإن علا العدل في عطية أولاده، أي: فروعه وإن سفلوا ولو الأحفاد مع وجود الأولاد على الأوجه وفاقًا لغير واحد، وخلافًا لمن خصص الأولاد سواء أكانت تلك العطية هبة أم هدية أم صدقة، أم وقفًا أم تبرعًا آخر، فإن لم يعدل لغير عذر كره عند أكثر العلماء، وقال جمع يحرم … فإن فضل البعض أعطى الآخرين ما يحصل به العدل والا رجع ندبًا للأمر به في رواية، نعم الأوجه أنه لو علم من المحروم الرضا وظن عقوق غيره لفقره ورقة دينه لم يسنَّ الرجوع، ولم يكره التفضيل، كما لو أحرم فاسقًا؛ لئلا يصرفه في معصية، أو عاقًا، أو زاد أو آثر الأحوج، أو المتميز بنحو فضل كما فعله الصديق مع عائشة رضي الله تعالى عنهما، والأوجه: أن تخصيص بعضهم بالرجوع في هبته كهو بالهبة فيما مر وأفهم قوله كغيره عطية أنه لا يطلب منه التسوية في غيرها كالتودد بالكلام وغيره ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ٣٠٩ - ٣١٠) قال: "ويجب على الأب، وعلى الأم وعلى غيرهما من سائر الأقارب التعديل بين من يرث بقرابة من ولد وغيره، كأب وأم وأخ وابنه وعم وابنه في عطيتهم … وفي لفظ لمسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم "، فرجع أبي في تلك الصدقة، وللبخاري مثله لكن ذكره بلفظ العطية فأمر بالعدل بينهم وسمى تخصيص أحدهم دون الباقين جورًا والجور حرام فدلَّ على أن أمره بالعدل للوجوب وقيس على الأولاد باقي الأقارب بجامع القرابة وخرج منه الزوجات والموالي فلا يجب التعديل بينهم في الهبة، ولا يجب التعديل بينهم في شيء تافه؛ لأنه يتسامح به فلا يحصل التأثر، والتعديل الواجب أن يعطيهم بقدر إرثهم منه اقتداء بقسمة الله تعالى، وقياسًا لحالة الحياة على حال الموت … فائدة: نص أحمد في رواية صالح وعبد الله وحنبل فيمن له أولاد زوج بعض بناته فجهزها وأعطاها قال يعطي جميع ولده مثل ما أعطاها … قال الشيخ: لا يجب على المسلم التسوية بين أولاد الذمة أي: الذميين انتهى، وكلام غيره لا يخالفه؛ لأنهم غير وارثين منه ".
(١) أخرجه البخاري (٢٥٨٧) عن النعمان بن بشير، وهو على المنبر قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ "، قال: لا، قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "، قال: فرجع فرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>