للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين يجيزون ذلك: يستدلُّون بقصة أبي بكر عندما نَحَل؛ أي: وَهَب ابنته عائشة عشرين وسقًا من مزرعته في العالية (١)، والوسق يساوى ستون صاعًا (٢)، ثم أمرها أن تردَّها؛ لأنَّها لم تحُجَّ.

ووجه الدلالة هنا: أنه أعطاها ولم يُعط باقي الأولاد، وللفريق الآخر أجوبة على ذلك.

واستدلوا أيضًا بقصة عمر أنَّه أعطى ابنه عاصمًا (٣)، أي: وهبه ما لم يهبْ غيره.

ووجه الدلاله منه: أنَّ هذا قد ورد عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولا مخالف لهما من الصحابة.

وأجيب بأنَّ أبا بكرٍ - رضي الله عنه - أعطاها لشدة الحاجة، والمحتاج مختلف عن غيره، أو أنَّه أعطاها لفضلها؛ لأنها أمُّ المؤمنين وزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أنه ربما رتب أنَّ يُعطي بقية أولاده وإلى غير ذلك من الأسباب.

وأجابوا أيضًا على الاستدلال بفعل عمر - رضي الله عنه -.


(١) أخرجه مالك في "الموطإ" (٤٠) والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢٨٠) (١١٩٤٨) عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنها قالت: "إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك. وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك، وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله، قالت عائشة، فقلت: يا أبت، والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء، فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٦١٩).
(٢) الوسق، بالفتح: ستون صاعًا، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلًا عند أهل الحجاز، وأربعمائة وثمانون رطلًا عند أهل العراق، على اختلافهم في مقدار الصاع والمد. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٥/ ١٨٥).
(٣) أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٩/ ٦٤) معلقًا عن الشافعي قال: قال الشافعي في رواية أبي عبد الله: .. وفضل عمر عاصم بن عمر بشيء أعطاه إياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>