للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (أو فِي جَمِيعِ مَالِهِ لِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ).

ومن العلماء من كان له مأخذٌ جيِّد في هذا المقام؛ كالإمام أحمد -رحمه الله-، فهو من الذين يرون عدم المفاضلة؛ أي: وجوب التسوية، لكنَّه يقول: إن وُجد عند إنسان ولدان أحدهما شابٌ فقير ذو عائلة أو مريض مرضًا مُقعدًا أو أن يكون أعمى، أو يكون فرَّغ نفسه لطلب العلم، فهذا بحاجة أن يُعطى أكثر إذا كان الآخرون في خير، ويعملون، ولديهم من الأموال ما يُغنيهم، فيُعطى هذا المحتاج، أو أن يكون هذا الولد شابًّا صالحًا تقيًّا ورعًا، والآخر فاسقًا، فربما أخذَ المال فأسرفه في معصية الله -سبحانه وتعالى-، فيريد والده أنْ يُضْيِّق عليه؛ ليعود إلى الحقِّ، ويرجع إلى طريق الثواب، فيتوب وينيب إلى الله -عز وجل-، لا شكَّ أن هذا مَلحظٌ جيِّد، فإذا كان التمييز بين أثنين أحدهما صالحٌ والآخر طالح، أو أحدهما فقير والآخر غني، أحدهما مريض والآخر صحيح يستطيع أن يعمل فهذا يكون مبرِّرًا ومخرجًا.

قوله: (فَقَالَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ بِكَرَاهِيَةِ ذَلِكَ لَهُ) (١).

وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي، كل الأئمة والعلماء متفقون على أنه من المستحب أن يعدل؛ لأن العدل مطلوب في كلِّ أمر، فبالعدل قامت السماوات والأرض، والله -سبحانه وتعالى- أمرنا بالعدل؛ كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: ٩٠]، وقال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨].

وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" (٢) وقال: "لا أشهد على جور، أو لا تُشهدني على جور" (٣).


(١) تقدم ذكر أقوالهم.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>