للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ عِنْدَهُمْ جَازَ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (١): لَا يَجُوزُ التَّفْضِيلُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ التَّفْضِيلُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَهَبَ بَعْضَهُمْ جَمِيعَ الْمَالِ دُونَ بَعْضٍ (٢)).

الإمام مالك -رحمه الله- له مَلحظ، فهو يقول: تجوز المفاضلة، أما ما لا يجوز فهو أن يُعطي المال لأحدهم أو بعضهم ويترك الآخرين، ولكن أن يخصَّ بعضهم بمزايا فهذا لا بأس به.

وهل هناك فرق بين الذكور والإناث في مثل ذلك؟ فهل لو أراد أن يُعطي الأولاد وجب عليه أن يُسوي بين الذكور والبنات أم يُفرِّق بينهم كالميراث؟

أكتر العلماء على أن يُفرِّق (٣)، فيُعطي الذكرَ مثل حظ الأنثيين، وذهب فريق من العلماء إلى أنه يُسوِّي بينهم؛ كما جاء في حديث عبد الله بن عباس الذي رفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي جاء في آخره: "ولو كنت مُفضِّلًا أحدًا على أحد لفضلت النساء" (٤)، وفي سياق حديثه عليه الصلاة والسلام عن الهبة.


(١) قال ابن حزم: "ولا يحل لأحد أن يهب، ولا أن يتصدق على أحد من ولده إلا حتى يعطي أو يتصدق على كلِّ واحد منهم بمثل ذلك. ولا يحل أن يفضل ذكرًا على أنثى، ولا أنثى على ذكر فإن فعل فهو مفسوخ مردود أبدًا، ولا بد، وإنما هذا في التطوع وأما في النفقات الواجبات فلا، وكذلك الكسوة الواجبة. لكن ينفق على كل امرئ منهم بحسب حاجته، وينفق على الفقير منهم دون الغني، ولا يلزمه ما ذكرنا في ولد الولد، ولا في أمهاتهم، ولا في نسائهم، ولا في رقيقهم، ولا في غير ولد، بل له أن يفضل بماله كل من أحب، فإن كان له ولد فأعطاهم، ثم ولد له ولد فعليه أن يعطيه كما أعطاهم، أو يشركهم فيما أعطاهم، وإن تغيرت عين العطية ما لم يمت أحدهم فيصير ماله لغيره، فعلى الأب حينئذٍ أن يعطي هذا الولد، كما أعطى غيره، فإن لم يفعل أعطي مما ترك أبوه من رأس ماله مثل ذلك ". انظر: "المحلى" (٩/ ١٤٢).
(٢) تقدم ذكر مذهب المالكية.
(٣) تقدم ذكر مذاهب الفقهاء وتفصيلهم في ذلك.
(٤) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١١/ ٣٥٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢٩٤) عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>