للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَدَلِيلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ حَدِيثُ النُّعْمَان بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي أَلْفَاظِهِ، وَالْحَدِيثُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَبَاهُ بَشِيرًا أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَارْتَجِعْهُ" (١)، وَاتَّفَق مَالِكٌ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ، قَالُوا: وَالِارْتجَاعُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْهِبَةِ. وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "هَذَا جَوْرٌ" (٢)، وَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ فِي صِحَّتِهِ جَمِيعَ مَالِهِ لِلأجَانِبِ دُونَ أَوْلَادِهِ، فَإِن كَانَ ذَلِكَ لِلْأَجْنَبِيِّ، فَهُوَ لِلْوَلَدِ أَحْرَى).

هذا تعليلهم، والدِّينُ ليس بالرَّأي، يُعلِّلون بأنَّه يجوز للإنسان أن يهب جميع مالِه لأجنبي فكيف لا يهبه لولده.

لكننا لو نظرنا إلى النتائج نجد أنَّه لو خَصَّ بعض الأولاد دون بعض فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى الضغينة في نفوسهم، فيحمل بعضهم على بعض، فيؤدي ذلك إلى قطيعة الرحم والتباعد فيما بينهم.

قوله: (وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ كَانَ نَحَلَ عَائِشَةَ جَذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِ الْغَابَةِ) (٣).

ولكنه عندما قربت وفاة أبي بكرٍ - رضي الله عنه - كلَّم ابنته عائشة، فقال: "لو كنت قد احتزتيه فإنَّه لك فإنَّ لك أخواك وأختاك ".


= ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلًا أحدًا لفضلت النساء"، وضعفه الألباني فى "الإرواء" (١٦٢٨).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٤٢)، وأحمد (٣٠/ ٣٢٧)، وأصله في "الصحيحين".
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>