للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* ولَوْ أنَّ إنسانًا بدَأ في الطهارة، ثمَّ قَطَعَهَا بعد أن غَسَلَ بعضَ أعضائِهِ، فَهذَا لا يؤثر في طهارتِهِ، بحيث يَبْقَى له ما فَعَلَهُ قَبْلَ قَطْعِ الطَّهارة، ثمَّ عليه أن يستأنفَ النِّيَّةَ مرةً أُخْرَى (١).

وَلَوْ أنَّ إنسانًا شَكَّ في النيَّة بَعْد أن أتَمَّ طهارَتَهُ، فَهذَا يَبْقى على حُكْم طَهَارتِهِ (٢)؛ لأنَّ القاعدةَ الفقهيةَ تَقُول: "اليقينُ لا يَزُول بالشَّكِّ" (٣)، وهذا لا خلافَ فيه، فَمَنْ تَيَقَّنَ الطهارةَ - مثلًا - ثمَّ شَكَّ هل أَحْدَثَ أم لا، فهَذَا الأصلُ فيه أنَّ طهارتَهُ ثابتة بيَقِينٍ، وأنَّ حَدَثَهُ ثابت بالشَّكِّ، فيَبْقى على الأَصْل الَّذي معه (الطَّهارَة)، وَيرفَعُ الشَّكَّ، وأمَّا لَوْ كَانَ مُتَيَقِّنًا أنه مُحدِث، ثمَّ شَكَّ هل تَطَهَّرَ أم لَا، فحِينَئذٍ يَكُونُ على غير طَهَارةٍ (٤).


(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣٢٠) حيث قال: "إذا نوى عند غسل الكف أو المضمضة أو الاستنشاق، وعزبت نيته قبل غسل شيءٍ من الوجه، ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: يجزئه، ويصح وضوؤه، قاله أبو حفص بن الوكيل.
والثاني: لا يجزئه، قاله أبو العباس ابن سريج.
والثالث: إن عزبت عند الكف لا يجزئه، وإن عزبت عند المضمضة أو الاستنشاق يجزئه".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٨٦) حيث قال: " (ولا) يضر (شكه فيها)، أَيْ: في النية بعد فراغ الطهارة، كَسَائر العبادات (أو) شكه (في الطهارة)، أي: في غسل عضوٍ أو مَسْحه (بعده)، أَيْ: بعد الفراغ من الطهارة (نصًّا) كشكِّه في وجود الحدث مع تيقن الطهارة".
(٣) يُنظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص ٤٧).
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (١/ ٥٤) حيث قال: "فرع: شك في الوضوء أو الحدث، وتيقن سبق أحدهما، بَنى على السابق إلا إنْ تأيَّد اللاحق".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (١/ ١٥٦) حيث قال: " (ومن تيقن طهرًا أو حدثًا وشكَّ)، أي: تردد باستواء أو رجحان (في ضده)، أطرأ عليه أم لا (عمل بيقينه) باعتبار الاستصحاب، فلا ينافي اجتماع الشك معه". ومَذْهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٣٢) حيث قال: " (ومَنْ تيقَّن الطهارة، وشكَّ في الحدث)، وشك، (أو تيقن الحدث، وشكَّ في الطهارة، بنَى على اليقين)، وهو الطهارة في الأولى، والحدث في الثانية".

<<  <  ج: ص:  >  >>