للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ رأى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ جَمِيعَ مَالِهِ لِوَاحِدٍ مِنْ وَلَلِإِ هُوَ أَحْرَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوُجُوبِ، فَأَوْجَبَ عِنْدَهُ مَفْهُومُ هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيَ عَنْ أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ بَعْضَ أَوْلَاد بِجَمِيعِ مَالِهِ).

لأنه ربَّما رأى الإمام مالك رحمه الله تعالى أن في ذلك إرادة والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ضرر ولا ضرار" (١)؛ لأنه بلا شك فرق بين إنسان يمنح بعض ماله لولده، وبين آخر يهب جميع المال فإذا تُوفي لا يجد الأولاد شيئًا، وإنما تحول وانتقل إلى واحد منهم أو إلى بعضهم.

قوله: (فَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلَفْظِ النَّهْيِ الْوَارِدِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي عِنْدَ الْأَكثَرِ بِصِيغَتِهِ التَّحْرِيمَ، كمَا يَقْتَضِي الْأَمْرُ الْوُجُوبَ، فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالْقِيَاسِ حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى النَّدْبِ، أو خَصَّصَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كمَا فَعَلَ مَالِكٌ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ السُّنَّةِ بِالْقِيَاسِ، وَكَذَلِكَ الْعُدُولُ بِهَا عَنْ ظَاهِرِهَا (أَعْنِي: أَنْ يُعْدَلَ بِلَفْظِ النَّهْيِ عَنْ مَفْهُومِ الْحَظْرِ إِلَى مَفْهُومِ الْكَرَاهِيَةِ)).

إذا وجد ما يؤدَّى إلى ذلك إذا وجدت قرينة فإنَّه يعدل، والجمهور ذكروا عدة تعليلات وأخذوها من الحديث وأيَّدوا ذلك بقصة أبي بكرٍ - رضي الله عنه - وكذلك ما حصل من عمر - رضي الله عنه - عندما نحل ابنه عاصم دون بقية إخوانه.

قوله: (وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمُ الْقِيَاسُ فِي


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٣٤٠) عن عبادة بن الصامت ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قضى أن "لا ضرر ولا ضرار"، وصححه الألباني في "الإرواء" (٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>