للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْعِ اعْتَمَدُوا ظَاهِرَ الْحَدِيثِ، وَقَالُوا بِتَحْرِيمِ التَّفْضِيلِ فِي الْهِبَةِ).

لكن ليس هذا مذهب أهل الظاهر بل عرفنا أنه مذهب الإمام أحمد وهو أحد الأئمة، وقال به عدد من التابعين والسلف، وقد رأينا وجهة نظرهم وتعليلهم وأنهم أيضًا أخذوا من الحديث ما يدلُّ على الوجوب: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" (١)، "سووا بين أولادكم " (٢)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أشهد على جور" (٣)، والجور لا يجوز إذن هناك عدَّة معالم اشتمل عليها الحديث يفهم منها أيضًا الوجوب فكلٌّ له فهم في هذا الحديث، وهذا سبب من أسباب الخلاف بين العلماء، فإن من أسباب اختلاف العلماء رحمهم الله تعالى أنهم قد يختلفون في مفهوم النص، وربما بعضهم يجد ما في النص يؤيد رأيه ويجد الآخر ما يؤيد رأيه وقد توجد أدلة أخرى تؤيِّد رأي هذا ورأي هذا.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ غَيْرِ الْمَقْسُومِ).

"المشاع" بمعنى: دار تكون بين اثنين فأكثر كل واحد منهم له نصيب، فهل يعرف كل نصيبه؟ الجواب: لا يعرفه لأن الحق مشاع، فهل يجوز يهمب نصيبه في هذه الدار أو في هذا البستان أو في هذه التجارة لغيره أو لا؟ الجواب: جمهور العلماء قالوا: نعم يجوز أن يهمب الإنسان نصيبه ولو كان مشاعًا فكما أنه يجوز أن يهب نصيبه المعروف المنفرد كذلك أيضًا يجوز أن يهب نصيبه المشاع، وخالف في ذلك أبو حنيفة.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>