للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - له أن يتصرف في نصيبه ونصيب بني عبد المطلب قال: "لكم "، وهذا مشاع بالنسبة للغنيمة؛ لأن الغنيمة تجمع أنواعًا متعددة فلا يُعلَم نصيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها لم تقسم، وكذلك أيضًا نصيب بني عبد المطلب، إذن قد استدل الجمهور بتلك القصة على جواز هبة المشاع إلى جانب التعليل العقلي الذي ذكره المؤلف فيما يتعلق بالقبض.

قوله: (وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ الْمُتَوَقَّعِ الْوُجُودِ).

"في المذهب" يقصد به مذهب مالك، يقول: ولا خلاف في المذهب في جواز بيع المعدوم؛ بمعنى: الذي لم يخلق بعدُ كشجرة لم تثمر أو دابة لم تحمل كناقة أو جارية وكذلك أيضًا المجهول كحمل في بطن فالمالكية (١) يجوزون ذلك؛ لأنهم يرون أن الهبة تبرع، وسبب المنع في هذه الأشياء في البيوع كما مر بنا هو الغرر الذي فيها، والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر (٢)، وقد مرت بنا عدة أمثلة في ذلك المقام في البيوعات.

إذن لماذا أجاز المالكية ذلك؟ أجازه المالكية؛ لأنهم يرون أن الغرر مغتفر في هذا المقام، وأما جمهور العلماء وهم الأئمة الثلاثة (أبو


= من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا من الله عليك، فقال: "اختاروا من أموالكم أو من نسائكم وأبنائكم "، فقالوا: فد خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا بل نختار نساءنا وأبناءنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقوموا، فقولوا: إنا نستعين برسول الله على المؤمنين أو المسلمين في نسائنا وأبنائنا" فلما صلوا الظهر قاموا فقالوا ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم "، فقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - … الحديث، وحسنه الألباني في "الصحيحة" (١٩٧٣).
(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٦٧٨) قال: "هبة المجهول جائزة".
(٢) أخرجه مسلم (١٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>