للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلها كأنها رواية أخرى وفصلها وهي مرتبطة بالأولى!

قوله: (فَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ تَشْبِيهُهَا بِالْبَيْعِ؛ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ أَنْ لَا قَبْضَ مُشْتَرَطٌ فِي صِحَّتِهَا حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ).

من لم يشترط في الهبة القبض شبَّهها بالبيع، فأنت إذا اشتريت سلعة كثوبٍ مثلًا أو سيارة أو نحو ذلك فلم تتسلمها فإنَّ البيع يعتبرُ قد تمَّ، ولكن الذي لا يجوز لك أن تفعله هو أن تبيعها قبل أن تقبضها؛ كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (١)، ففرق بين صحة البيع ونقله إلى مشترٍ آخر، فأنت لك أن تشتري السلعة وحتى إن لم تقبضها فهي ملكك ما فى دُمتَ قد اشتريتها وتمَّ العقد الصحيح، لكن هل الهبة بمثابة البيع أو أنها تختلف؛ لأن ذلك عقد تبرع وذاك عقدُ تمليك؟

قوله: (وَعُمْدَةُ مَنِ اشْتَرَطَ الْقَبْضَ أَنَّ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - فِي حَدِيثِ هِبَتِهِ لِعَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمِ (٢)، وَهُوَ نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ. وَمَا رَوَى مَالِكٌ (٣) عَنْ عُمَرَ أيضًا أَنَّهُ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نِحْلًا ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا، فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ قَالَ: مَالِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا).

إذا ماتَ ابنه قال: المال بين يديَّ فهو مالي فكأنَّه يرجع في هبته، فعمر - رضي الله عنه - يُنكر أن يمنح الرجل ابنَه شيئًا فإذا مات ابنه قال هذا مالي بيديَّ.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٥٣) (٤١)، وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>