للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنها ما يؤجل، ومنها ما يَكُون حاضرًا أيضًا.

قوله: (وَمِنْهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا بَقِيَتْ حَيَاةُ المَوْهُوبِ لَهُ، وَهَذِهِ تُسَمَّى العُمْرَى، مِثْلَ أَنْ يَهَبَ رَجُل رَجُلًا سُكْنَى دَارٍ حَيَاتَهُ).

ومن العلماء من يخصُّ من بين أنواع الهبات ما يُعْرف بالعُمْرى والرقبى، ومعنى العمرى (١) هو أن يقول إنسان لآخر: أعمرتك هذه الدار عمرى، أو عمرك، وربما يطلق هذة العبارة وربما يُقيِّدها بشرطٍ فيَقُول: أعْمَرتُكَ هذه الدار ما حييت على أن تَرْجع لي بعد مماتك، أو يطلق فيقول: وهبتك هذه الدار في حياتك وبعد مماتك ولعقبك، فهل هَذِهِ تعتبر هبةً مؤبدةً للرقبى، أيْ: تقتضي الملك؟ وربما يسكت فيقول: هذه الدار لك عُمْرى، أو هذا البستان لك عُمْرى أو رقبى، فما معنى العمرى والرقبى؛ لأن الحكمَ على الشيء فرعٌ عن تصوُّره؟

أولًا: "العُمْرى" هذَا هو لفظها المشهور، بضم العين وتسكين الميم، وتأتي الألف مقصورة، وأما الرقبى فهى أيضًا على وزن عمرى، والعمرى والرقبى اشتهرت بين العلماء، وَإنْ كانت العُمْرى أكثر اشتهارًا، والرقبى كانت في الجاهلية (٢)، ومن العلماء مَنْ يعدُّها كالعُمْرى، وبعضهم أيضًا


= مذهب الحنابلة، يُنظر: "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (٥/ ١٩٩) قال: "فرع: إذا قال: سكناه لك عمرك، أو غلته، أو خدمته لك، أو منحتكه -فهو عارية، نقله الجماعة؛ لأنه في التحقيق هبة المنافع، والمنافع إنما تُسْتوفى بمضي الزمان شيئًا فشيئًا، وتبطل بموت أحدهما".
(١) العُمْرى في اللغة: مِنْ أعمرته الدار: جعلتها له يسكنها، وما تجعله للرجل طول عمرك أو عمره. انظر: "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢١٨) و"لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٦٠٣).
واصطلَاحًا: هو أن يقول: هذه الدار لك عمرك، أي: مدة حياتك، فإذا متَّ أنت فهي لي أو يقول: هذه الدار لك عمري، فإذا متُّ أنا، أَخَذَها ورثتي منك، وهي تمليد للحال، فصحَّ، واشتراط الاسترداد بعد زمان فبطل الشرط؛ لأنه يُخَالف مقتضى الشرع. انظر: "طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية" للنسفي (ص ١٠٨).
(٢) انظر: "النهاية" لابن الأثير (٣/ ٢٩٨)، و"فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>