للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرجها ويقتصر على العُمْرى، والعُمْرى إنما هي حقيقةً نسبةً إلى العمر؛ لأنه عندما يقول: وهبتك هذة الدار عمرى أو عمرك فكأنه ربط ذلك بالعمر، ولذلك سُمِّيت عمرى، والرقبى من المراقبة (١)؛ لأن كل واحد ممَّن أعطى أو ممَّن أخذ ربما ينتظر موت الآخر لترجع إليه، فَإنْ كانت مقيدةً بالرجوع إلى الواهب أو وَرَثته، فينتظرون موت هذا حتى تعود إليهم، وَربما تكون أيضًا بالعكس، ثم هل هي نوع واحد؟ هل تأتي على صيغةٍ واحدةٍ أو لها عدة صيغ؟ بمعنى هل هي دائمًا تأتي على وضع واحد أو لها أحكام متنوعة؛ لأنه ربما يقول إنسان لآخر: وهبتك هذة الدار لك حياتك ومماتك ولعقبك، فهذه صريحة لأنها له في حياته، وبعد مماته، وهذا فيه إطلاق، وربما يَقُولُ: وهبت لك هذه الدار ويسكت، وربما أيضًا يُقيِّدها بشرطٍ من الشروط، فيقول: وَهَبتُكَ هذه الدار ما عشت، فإن مت عادت لي، فهل هذا الشرط معتبر أم لا؟ وقد اختلف العلماء في هذه الصور.

قوله: (وَهَذِهِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّهَا هِبَةٌ مَبْتُوتَةٌ).

أي: مقطوع بها يتملكها الموهوب.

قَوْله: (أَيْ: أَنَّها هِبَةٌ لِلرَّقَبَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)


(١) الرُّقْبى في اللغة: من المراقبة. يقال: رقبته، وأرقبته، وارتقبته: انتظرته. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ١٣٨).
اصطلاحًا: أن يقول صاحب الدار أو نحوها: هذه الدار لأينا بقي بعد صاحبه، يعني: إن متُّ أنا فهي لك، وإن متَّ أنت فهي لي، فهذا ليس بتمليكٍ مطلقٍ للحال، فلذلك بطل، وسميت رقبى لأن كل واحد منهما ينتظر موت صاحبه. انظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٠٨).
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٥/ ٤٠٩) قال: ولا تصح الهبة بأنواعها مع شرطٍ مفسدٍ كألَّا يزيل ملكه عنه، ولا مؤقتة ولا معلقة إلا في مسائل العُمْرى والرُّقبى كما قال: (ولو قال: أعمرتك هذه الدار) أو هذا الحيوان مثلًا أي: جعلتها لك عمرك (فإذا دمت فهي لورثتك) أو لعقبك (فهي) أي: الصيغة المذكورة (هبة) أي: صيغة =

<<  <  ج: ص:  >  >>