للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ فِي هَذَا البَابِ تَعَارُضُ الآثَارِ، فَمَنْ لَمْ يَرَ الِاعْتِصَارَ أَصْلًا: احْتَجَّ بِعُمُومِ الحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" (١)).

وفي بعض الأحاديث: "العائد في هبته كالذي يقيء ثم يعود في قيئه " (٢)، وهذا من أسوإ ما يكون؛ لأنه حقيقة تنفر منه النفوس، وتشمئز منه الصدور، ولذلك يبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن من يهب هبةً ثم يستولي عليه الشح والبخل فيرجع في الهبة، هو بمثابة إنسان قاء قيئًا خرج من بطنه لم تقبله نفسه، ثم أعاده إليها مرة أخرى، فلا يليق بالمسلم أن يفعل مثل ذلك.

قَوْله: (وَمَنِ اسْتَثْنَى الأَبَوَيْنِ، احْتَجَّ بِحَدِيثِ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إِلَّا الوَالِدُ" (٣)، وَقَاسَ الأُمَّ عَلَى الوَالِدِ).


= فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إليَّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، وبده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته ".
(١) أخرجه البخاري (٦٩٧٥).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٨٩) ومسلم (١٦٢٢) بلفظ: عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه ".
وأخرجه أحمد (٣٨٤) بلفظ عن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَل الذي يَعُود في صدقته كمثل الذي يعود في قيئه "، وحسن إسناده الأرناؤوط.
وأبو داود (٣٥٣٨) عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العائد في هبته كالعائد في قيئه "، قال قتادة: ولا أعلم القيء إلا حرامًا.
(٣) أخرجه الشافعي في "مسنده" (ص ١٧٤) عن طاوس، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٣/ ٦٣) عن طاوس، عن ابن عمر، وابن عباس، وقال الأَلْبَانيُّ في "المشكاة": حسن صحيح (٢٠٣٠/ التحقيق الثاني).

<<  <  ج: ص:  >  >>