للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رِوَايةٍ: "ليس لأحدٍ أن يعطي عطيةً أو يهب هبةً، ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" (١).

قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوِ اتَّصَلَ حَدِيثُ طَاوُسٍ لَقُلْتُ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: قَدِ اتَّصَلَ مِنْ طَرِيقِ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَهُوَ ثِقَةٌ (٢)، وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ الِاعْتِصَارَ إِلَّا لِذَوِي الرَّحِمِ المُحَرَّمَةِ (٣)، فَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى جِهَةِ صَدَقَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الثَّوَابَ بِهَا، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا) (٤).

فالذي يهب الهبة إما أن يقصد بها وجه الله، ويدفعها إلى الرحم، فلا يليق به أن يرجع، لكن إن وهب هبةً لإنسان بدافع أن يُثَاب عليها مقابل ذلك، فله أن يرجع.

قوله: (قَالُوا: وَأَيْضًا فَإِنَّ الأَصْلَ أَنَّ مَنْ وَهَبَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ كَمَا لَوْ وَعَدَ إِلَّا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنَ الهِبَةِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ.

وَجُمْهُورُ العُلَمَاءِ (٥) عَلَى أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ فَمَاتَ الِابْنُ بَعْدَ أَنْ حَازَهَا، فَإِنَّهُ يَرِثُهَا).


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٣٩) والنسائي (٣٦٩٠).
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٣٦) قال: قد وصل حديث طاوس حسين المعلم هو ثقة ليس به بأس.
(٣) كمذهب الحنفية وقد تقدم.
(٤) أخرجه مالك في "الموطإ" (٤٢) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٨١)، وَصَححه الأَلْبَانيُّ موقوفًا في "إرواء الغليل" (١٦١٣).
(٥) مذهب الحنفية، يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٢/ ٩٢) قال: "رجل تصدق على رجل بصدقة، وسلمها إليه، ثم مات المتصدق عليه، والمتصدق وارثه فورثه تلك الصدقة، فلا بأس عليه فيها"، بلغنا في الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن رجلًا تصدق بصدقة، ثم مات المتصدق عليه، فورثه النبي - صلى الله عليه وسلم - من تلك الصدقة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>