للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الإنسان قد يتصدق على ابنه بصدقةٍ يكون محتاجًا لها، أو وهبه هبةً، ثم مات هذا الابن، والذي يرثه هو أبوه، فهل يرث هذه الدار؟

قوله: (وَفِي مُرْسَلَاتِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا أَنْصَارِيًّا مِنَ الخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَلَى أَبَوَيْهِ بِصَدَقَةٍ فَهَلَكَا، فَوَرِثَ ابْنُهُمَا المَالَ وَهُوَ نَخْلٌ).

فحين يُقدِّم لأبويه هذه الهبة قاصدًا بذلك برهما والإحسان إليهما، وهو بالدرجة الأولى يطلب الثواب من الله -سبحانه وتعالى-، وأن يجازيه على هذا العمل الطيب، ومضت الأيام وإذا بالأبوين يموتان، ومَنْ يرثهما هو ذلك الابن، فهَذا الأنصاريُّ ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: هل لي أن أرثه؟ فقال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أُجرت "، أي: أجرت على فعل الخير؛ لأنك عندما أخرجته إنما أخرجته بقصد الطاعة، وطلب القربى لله تعالى، وبر الوالدين، وكونه رجع إليك، فهو رجع إليك عن طريق حقك؛ لأنك ترثهما، فعاد إليك، وهذا لا يضر.


= مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٧/ ١١٥) قال: (ص) وكره تملك صدقة بغير ميراث (ش) يعني أن عود الصدقة إلى مِلْكِ مَنْ تصدق بها ببيع أو هبة أو صدقة أو غير ذلك مكروه، واحترز بالصدقة من الهبة، فإنه يجوز أن يتملَّكها على المشهور، واحترز بقوله: بغير ميراث مما إذا عادت له بميراث، فإنه لا كراهة فيه.
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٤٠٨) قال: قال البغوي: وليس من ذلك أن يشتري من غلة أرض كان قد تصدق بها؛ لأنها غير العين المتصدق بها أي: وغير جزئها "لا من غيره" أي: لا يكره أن يتملكها من غيره "ولا أن يملكها بالإرث" لخبر مسلم عن بريد قال: بينما أنا جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة فقالت: إني تَصدَّقت على أمي بجارية، وإنها ماتت فقال: "وجب أجرك وردها عليك الميراث "، وانظر: "المجموع" للنووي (٦/ ٢٤١).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢١٤) قال: "وإن رجعت إليه" زكاته أو صدقته "بإرث" طابت له بلَا كَرَاهةٍ؛ لحديث بريدة أنه - صلى الله عليه وسلم - أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وجب أجرك، وردها عليك الميراث "، رواه جماعة إلا البخاري والنسائي "أو" عادت إليه بـ (هبة أو وصية أو أخذها من دينه) طابت له؛ لأن ذلك كالإرث. وانظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٢/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>