للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: "قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ، وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ" (١)، وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ امْرَأَةٍ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: "كنْتُ قَدْ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الوَلِيدَةَ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ بِالمِيرَاثِ" (٢)).

وهذا حديثٌ ليس كالآخر، فهذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه الخمسة (٣).

قَوْله: (وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٤): لَا يَجُوزُ الِاعْتِصَارُ لِأَحَدٍ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِعُمَرَ: "لَا تَشْتَرِهِ، فِي الفَرَسِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنَّ العَائِدَ فِي هِبَتِهِ كالكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ" (٥)، وَالحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ).

وهذا الحديث له قصة، يقول عمر - رضي الله عنه - والحديث في "صحيح البخاري ": حملت على فرس، فأضاعه مَنْ كان عنده، فأردت أن أشتريه، وظننت أنه بايعه برخص، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تَشْتره وإنْ أعطاه لك بدرهم واحد، فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم


(١) أخرجه مالك في "الموطإ" بلاغًا (٢/ ٧٦٠) (٥٤).
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٧/ ٢٥٨): رُوِيَ هذا الحديث من وجوهٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنًى واحدٍ، أحسنها حديث بريدة الأسلمي.
وقَالَ في "التمهيد" (٢٤/ ٤٠٧): وقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد فيه لين، ولكنه احتمل.
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٥٦)، وجوَّد إسناده الأَلْبَانيُّ على شرط مسلم (٥/ ٣٥٣).
(٣) أخرجه أحمد (٢٢٩٥٦) والترمذي (٦٦٧)، وقال: حسن صحيح، والنسائي في "الكبرى" (٦٢٨٣) وابن ماجه (٢٣٩٤)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٤) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٨/ ٧١) قال: مسألة: "ومن وهب هبةً صحيحةً لم يجز له الرجوع فيها أصلًا".
(٥) أخرجه البخاري (٢٦٢٣) (٣٠٠٣) ومسلم (١٦٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>