للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا أوصى لوارثٍ، فهل تجوز الوصية أو أنها موقوفةٌ على إجازة الوَرثة؟ جمهور العلماء قالوا: إذا أجَازَ ذلك الورثَة جازت، وأهل الظاهر والمزني من الشافعية قالوا: لا تَجُوز.

* قَوْله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ هَلِ المَنْعُ لِعِلَّةِ الوَرَثَةِ أَوْ عِبَادَةٍ؟).

أَيْ: هل العلة في المنع هو الضرر الذي يلحق بقية الورثة أو أنَ العلة في ذلك ألا يدع ورثته عالةً يتكففون الناس.

* قَوْله: (فَمَنْ قَالَ: عِبَادَةٌ، قَالَ: لَا تَجُوزُ وَإِنْ أَجَازَهَا الوَرَثَةُ).

فالذي ورد في علة المنع إما أن يكون الأمر للتعبد، وإما أن يكون لمصلحة الورثة، فإن كان لمصلحة الورثة فإنه أمر معقول؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لسعد: "إنَّك إنْ تدِع ورثتك أغنياء خيرًا من أن تدعهم عالةً يتكفَّفون الناس " (١)، وإنْ كان لأمْرٍ تَعبديٍّ، فينبغي أن نسلِّم له؛ لأنه توقيفي لا مجال للرأي فيه.

وَالظَّاهر من الحديث أنه يدل على أن مصلحةَ الورثة قد رُوعيَت في ذلك، لكن الجمهور أيضًا يحتجُّون بما جاء في حديث: "إن الله أعطى ممل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" (٢).


= الأظهر إن أجاز باقي الورثة" أي: المطلقين التصرف، سواء كانت الوصية بالثلث أو دونه كما في الوصية للأجنبي بالزائد على الثلث .. وقال الشافعي -رضي الله عنه-: لم يختلف أهل العلم: أن النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال عام الفتح: "لا وصية لوارث "، ووجدتهم مُجْمعين عليه. والثَّانِي: أنها باطلة وإنْ أجاز الوارث، واختاره المزني. وانظر: " (الحاوي الكبير" للماوردي (٨/ ٢١٣).
(١) أخرجه البخاري (١٢٩٥)، ولفظه عن سعد بن أبي وقاص، قال: كَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يعودنىِ عام حجة الوداع من وجع اشتدَّ بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلا ابنة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: "لا"، فقلت: بالشطر؟ فقال: "لا"، ثم قال: "الثك والثلث كبير -أو كثير- إنك أن نذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك " … الحديث.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٨٧٠) وغيره، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "المشكاة" (٣٠٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>