للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظاهري (١)، وأثر أيضًا عن غير هؤلاء، واستدلُّوا بالكتاب والسُّنَّة:

* أما الكتاب، فالآية التي قد ذكرناها، وقالوا: إن الآية باقية على أصلها، وما نسخ منها إنما يتعلق بالوالدين والأقربين، وفي ذلك إشارة إلى قول الله سبحانه وتعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}.

* واستدلوا من السُّنة بحديث عبد الله بن عمر المتفق عليه الذي مر بنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما حَقُّ امرئٍ مسلم له مال يوصي فيه لا يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده" (٢)، وفي بعضهًا: "ثلاثًا" (٣)، وفي بعضها: "ليلة" (٤)، قالوا: فهذا الحديث أيضًا يدل على الوجوب.

أمَّا جماهير العلماء وهم الذين اكتفى المؤلف بقولهم، ومن بينهم الأئمة الأربعة وإنْ كان يوجد في بعض المذاهب مَنْ يرى وجوبها في حق مَن ذكرنا، لكن رأي الأئمة الأربعة والذي أشار إليه المؤلف نقلًا عن ابن عبد البر: بأن الوصية ليست بواجبة (٥)، ودليلهم على عدم وجوبها بأنه لم ينقل عن كثيرٍ من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم أوصوا، ولم ينقل أيضًا ما ينكر ذلك؛ لأنه أنكر على بعضهم بأنه لم يوصِ، قالوا: فدل ذلك على أنها غير واجبةٍ.


(١) "المحلى" لابن حزم (٨/ ٣٤٩) قال: مسألة الوصية فرض على كل من ترك مالًا … وهو قول عبد الله بن أبي أوفَى، وطلحة بن مطرف، وطاوس، والشعبي، وغيرهم، وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧) ولفظه عن عبد الله بن عمر: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ".
(٣) أخرجه مسلم (٤/ ١٦٢٧) عن الن عمر ولفظه: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة".
(٤) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (٦/ ٤٤٥) ولفظها: عن ابن عمر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما حقُّ امرئٍ مسلم له مال يريد أن يوصي فيه يبيت ليلة أو ليلتين ليست وصيته مكتوبة عنده ".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٦٠)، قال: وأجمع الجمهور على أن الوصية غير واجبة على أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>