للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما دامت قد أصبحت حقًّا له، فهي من خالص ماله، وليس لأحد أن يتعدى عليه، أو أن يأخذ منه ولو فلسًا إلا عن طيب نفسٍ، وإعطاء الورثة الخيار في ذلك كأنه تعدٍّ على الموصَى، وتصرف في حق قد ثبت له شرعًا.

* قَوْله: (فَكَيْفَ يُنْقَلُ عَنْ مِلْكِهِ مَا وَجَبَ لَهُ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ، وَتُغَيَّرُ الوَصِيَّةُ).

وَيشير إشارةً إلى الحديث الذي مرَّ بنا دون أن يذكره: "لا يحلُّ مَالُ امْرِئٍ مسلمٍ إلا بطيب نَفْسٍ منه" (١)، وكونه يرجع ويدَّعي الورثة ثم تعاد وتصفى الأموال ويعطى الثلث، هذا تصرف أيضًا في الوصية، وتدخل فيها.

* قولُهُ: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ إِمْكَانُ صِدْقِ الوَرَثَةِ فِيمَا ادَّعَوْهُ، وَمَا أَحْسَنَ مَا رَأَى أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ).

لأنَّ ابن عبد البر هو مَنْ ساق هذه المسألة في كتابه "الاستذكار"، وقد نقل عنه المؤلف، واستحسن رأيه؛ لأنه جَاء برأيٍ وسطٍ في المسألة.

* قَوْله (وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا ادَّعَى الوَرَثَةُ ذَلِكَ، كلِّفُوا بَيَانَ مَا ادَّعَوْا، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ، أَخَذَ مِنْهُ المُوصَى لَهُ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ المُوصَى بِهِ، وَكَانَ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ) (٢).

لَكن الجمهور رحمهم الله يَرَوْن غلق هذا الباب، وعدم التدخُّل فيه، وأن هذه وصية يجب أن تنفذ، وما دامت في حدود الثلث وحددها


(١) أخرجه الدارقطني (٣/ ٤٢٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (٣/ ١٤٠) وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٤٥٩).
(٢) يُنظر: "الاستذكار" (٧/ ٢٨٠)، قال أبو عمر: الذي أقول به أن الورثة إذا ادعوا أن الشيء الموصى به أكثر من الثلث، كلفوا بيان ذلك، فإذا ظهر ذلك وكان كما ذكروا أكثر من الثلث يأخذ من الموصى له قدر ثلث مال الميت، وكان شريكًا للورثة بذلك فيه، وإن كان الثلث فأقل أجبروا على الخروج عنه إلى الموصى له.

<<  <  ج: ص:  >  >>