للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) وَالشَّافِعِيُّ (٢): لَهُ ثُلُثُ تِلْكَ العَيْنِ، وَيَكُونُ بِبَاقِيهِ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ فِي جَمِيعِ مَا تَرَكَ المَيِّتُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ تَمَامَ الثُّلُثِ، وَسَبَبُ الخِلَافِ أَنَّ المَيِّتَ لَمَّا تَعَدَّى فِي أَنْ جَعَلَ وَصِيّتَهُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَهَلِ الأَعْدَلُ فِي حَقِّ الوَرَثَةِ أَنْ يُخَيَّرُوا بَيْنَ إِمْضَاءِ الوَصِيَّةِ أَوْ يُفْرِجُوا لَهُ إِلَى غَايَةِ مَا يَجُوزُ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ، أَوْ يَبْطُلَ التَّعَدِّي وَيعُودَ ذَلِكَ الحَقُّ مُشْتَرَكًا، وَهَذَا هُوَ الأَوْلَى إِذَا قُلْنَا: إِنَّ التَّعَدِّي هُوَ فِي التَّعْيِينِ لِكَوْنِهِ أَكثَرَ مِنَ الثُّلُثِ (أَعْنِي: أَنَّ الوَاجِبَ أَنْ يَسْقُطَ التَّعْيِينُ)).


(١) يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (٤/ ٥٣٤) قال: "ولو أوصى بغلة عبده أو بغلة داره يجوز أيضًا؛ لأنه بدل المنفعة، فأخذ حكم المنفعة في جواز الوصية به، كيف وأنه عين حقيقة لأنه دراهم أو دنانير، فكان بالجواز أولى، ولو لم يكن له مال غيره كان له ثلث غلة تلك السنة؛ لأنه عين مال يحتمل القسمة بالأجزاء، فلو أراد الموصى له قسمة الدار بينه وبين الورثة ليكون هو الذي يستغل ثلثها، لم يكن لَهُ ذلك إلا في رواية عن أبي يُوسُف، فإنه يقول: الموصى له شريك الوارث وللشريك ذلك، فكذلك للموصى له، إلا أنَّا نقول: المطالبة بالقسمة تُبْتنى على ثبوت الحق للموصى له فيما يلاقيه القسمة إذ هو المطالب، ولا حق له في عين الدار، وإنما حقه في الغلة، فلا يملك المطالبة بقسمة الدار، ولو أوصى له بخدمة عبده ولآخر برقبته وهو يخرج من الثلث، فالرقبة لصاحب الرقبة والخدمة عليها لصاحب الخدمة؛ لأنه أوجب لكلِّ واحدٍ منهما شيئًا معلومًا عطفًا منه لأحدهما على الآخر، فتُعْتَبر هذه الحالة بحالة الانفراد".
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٧/ ٢٧، ٢٨) قال: "ولو أوصى بعين حاضرة هي ثلث ماله وباقيه" دين أو "غائب "، وليس تحت يد الوارث "لم تدفع كلها" ولا بعضها فيما يظهر أخذًا مما يأتي في التصرف، وإن أمكن الفرق "إليه في الحال" لجواز تلف الغائب فلا يحصل للورثة مثلًا ما حصل له "والأصح أنه لا يتسلط" من غير إذنهم "على التصرف" كالاستخدام "بثلث" من العين "أيضًا كثلثيها اللذين لا خلاف فيهما وذلك؛ لأن تسلطه يتوقف على تَسلُّطهم على مثلي ما تسلط عليه، وهو متعذر لاحتمال سلامة الغائب فتكون له ومن تصرف فيما منع منه، ثم بان له صح كما علم مما مر آخر رابع شروط البيع وعلم من قولي دين أنه لو أوصى بثلث ماله وله عين ودين، دفع للموصى له ثلث العين، وكلما نض من الدين شيء دفع له ثلثه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>