للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهم (١).

* قوْله: (وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّهُمْ ثَلَاثَة فَصَاعِدًا) (٢).

وأكثر الخلاف هنا يدور حول أقل الجمع وأكثره، هل اثنان يعتبر جمعًا أو لا؟ فهناك مَنْ يرى من أهل اللغة -وهو رأي الأكثر- بأن أقلَّ الجمع ثلاثة، وهناك مَنْ يرى -وهم قلة- بأن أقل الجمع اثنان، وهؤلاء الذين قالوا: بأن أقل الجمع اثنان أيضًا اختلفوا، فمنهم مَنْ قال: هو جمع حقيقي، فيعتبر الاثنان وهو حقيقةً، وبعضهم قال: يسمى "الاثنان" جمعًا مجازيًّا، فجمهور العلماء اعتبروا ذلك، وأيضًا استدلوا بعد ذلك في آخر آية الكلالة بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً}، فقالوا: كلمة "إخوة" المقصود هناك إنما هو أخ وأخته، ومع ذلك قال الله تعالى: {إِخْوَةً}، فذكر "الإخوة" لا يدل على أن المقصود ما زاد عن اثنين، وقد حاج عبد الله بن عباس، عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال: ليس أخوان إخوة في


=يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] مع مَفْهوم قولُهُ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١]، وقال ابن عباس لعثمان: ليس الإخوان إخوة في لسان قومك، فلم تحجب بهما الأم، فقال: لا أستطيع أن أرد شيئًا كان قبلي، ومضى في البلدان، وتوارث الناس به، وهذا من عثمان يدل على اجتماع الناس على ذلك قبل مخالفة ابن عباس.
(١) قال ابن المنذر في "الأوسط" (٧/ ٣٩١، ٣٩٢): "فقال عامة أهل العلم: إذا كان للميت اثنان من الإخوة فصاعدًا، ذكورًا أو إناثًا، من أب وأم، أو من أب، أو من أم، حجبا الأم عن الثلث، وصار لها السدس، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وبه قال مالك بن أنس، ومَنْ تبعه من أهل المدينة، وسفيان الثوري، وسائر أهل العراق، والشافعي وأصحابه، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم غير ابن عباس ".
(٢) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٧/ ٣٩٢)، وابن حزم في "المحلى" (٩/ ٢٥٨) عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس: أنه دخل على عثمان فقال: إن الأخوين لا يردان الأم إلى السدس، إنما قال الله جل ذِكْر: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} "فالأخوين " في لسان قومك "ليسوا" بإخوة، فقال عثمان -رضي الله عنه-: لا أستطيع أنقض أمرًا قد كان قبلي، وتوارثه الناس، ومضى في الأمصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>