للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيْتَتَهُ دَاخِلَةً تَحْتَ عُمُومِ التَّحْرِيمِ، جَعَلَ دَمَهُ كَذَلِكَ، وَمَنْ أَخْرَجَ مَيْتَتَهُ أَخْرَجَ دَمَهُ قِيَاسًا عَلَى المَيْتَةِ، وَفِي ذَلِكَ أَثَرٌ ضَعِيفٌ (١)، وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ: الجَرَادُ وَالحُوتُ، وَالكَبِدُ وَالطَّحَالُ " (٢).

يَعْني: كلَام المؤلف في هذه المسألة يدور حول دم الحيوان البحري، وهو السمك، هل يلحق بالبري؛ فيقال عنه بأنه نجسٌ، أو يلحق بميتته؛ فيقال: إنه طاهر؟ فالعلماء مُخْتلِفُون في ذلك، وفي كل مذهب من المذاهب تجد رأيين أو أكثر.

قال: (وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي كَثِيرِ الدَّمِ وَقَلِيلِهِ، فَسَبَبُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي القَضَاءِ بِالمُقَيَّدِ عَلَى المُطْلَقِ، أَوْ بِالمُطْلَقِ عَلَى المُقَيَّدِ).

هذ مسألةٌ أشَار إليها المؤلف، وَسَبق أَنْ قلنا: إنَّ مَذْهبَ جَمَاهير العلماء أصولًا وفقهًا أنهم يُقيِّدون المطلق؛ فيَروْن أنَّ المقيد يُقدَّم عليه، وهُناك رأيٌ لابن حزم (٣)، وهو الذي يشير إليه ويكرِّره في هذا الكتاب،


(١) يُنظر: "العلل" للدارقطني (١١/ ٢٦٦) حيث قال: "وسئل عن حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحلَّت لنا ميتتان ودمان"، فقال: يرويه المسور بن الصلت، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ، وخالفه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فَرَواه عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيره يرويه عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، موقوفًا، وهو الصواب ".
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٥٧٢٣) وغيره، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحلَّت لنا ميتتان، ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال "، وصححه الأَلْبَانيُّ في "الإرواء" (٢٥٢٦).
(٣) يُنظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ٦) حيث قال: "اعلم أن الخطاب إذا ورد مطلقًا لا مقيدَ له، حُمِلَ على إطلاقه، وإن ورد مقيدًا، حُمِلَ على تقييده، وَإنْ ورد مطلقًا في مَوْضعٍ، مقيدًا في موضع آخر، فذلك على أقسام، الأول: أن يختلفا في السبب والحكم، فلا يُحْمَل أحدهما على الآخر بالاتفاق، كما حَكَاه القاضي أبو بكر الباقلاني. القسم الثاني: أن يتفقا في السبب والحكم، فيحمل أحدهما على =

<<  <  ج: ص:  >  >>