للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في حق الأختين: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}، إذن الأصل أن ميراثهم ثابت بنص القرآن، وليس ثم دليل على أنهم لا يرثون مع الجد.

• قوله: (وَأَيْضًا فَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ، وَهُوَ يُدْلِي بِالْأَبِ، وَالْعَمُّ يُدْلِي بِالْجَدِّ) (١).

وتلك هي الحجة الثانية التي أوردها المؤلف لهذا القوله، وواضح أن المؤلف إنما نظر إلى الفروع لا إلى الأصول في هذه المسألة.

• قوله: (فسَبَبُ الْخِلَافِ تَعَارُضُ الْقِيَاسِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ الْقِيَاسَيْنِ أَرْجَحُ بِحَسَبِ النَّظَرِ الشَّرْعِيِّ؟ قُلْنَا: قِيَاسُ مَنْ سَاوَى بَيْنَ. الْأَبِ وَالْجَدِّ، فَإِنَّ الْجَدَّ أَبٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ، كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ ابْنٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ، وَإِذَا لَمْ يَحْجُبِ الِابْنُ الْجَدَّ وَهُوَ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ، فَالْجَدُّ يَجِبُ أَنْ يَحْجُبَ مَنْ يَحْجُبُ الِابْنُ، وَالْأَخُ لَيْسَ بِأَصْلٍ لِلْمَيِّتِ وَلَا فَرْعٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْأَصْلِ، والأصل أحق بالشيء من المشارك له في الأصل، وَالْجَدُّ لَيْسَ هُوَ أَصْلًا لِلْمَيِّتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ بَلْ هُوَ أَصْلُ أَصْلِهِ، وَالْأَخُ يَرِثُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ فَرْعٌ لِأَصْلِ الْمَيِّتِ، فَالَّذِي هُوَ أَصْلٌ لِأَصْلِهِ أَوْلَى مِنَ الَّذِي هُوَ فَرْعٌ لِأَصلِهِ).

إذًا سبب الخلاف - كما ذكر المؤلف - المقايسة الواردة في ذلك؛ وهي القياس على الأب ثم القياس على الابن، وأيهما أقوى؟

وذهب المؤلف -رحمه الله - إلى أن قياس من ساوى بين الأب والجد أقوى، فينزل الجد منزلة الأب لوجهين:


(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٤٣) قال: "وقد أجمعوا أن ابن الأخ يقدم على العم، وهو يدلي بالأخ، والعم يدلي بالجد؛ فدلَّ هذا كله على أن الجد ليس بأولى من الأخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>