للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَمَنْ قَضَى بِالمُطْلَقِ عَلَى المُقَيَّدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً قَالَ: المَسْفُوحُ وَهُوَ الكَتِيرُ، وَغَيْرُ المَسْفُوحِ وَهُوَ القَلِيلُ، كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَيَّدَ هَذَا بِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ نَجِسٌ لِعَيْنِهِ فَلَا يَتَبَعَّضُ).

يَعْني: يريد ما هو نجسٌ لعينه، فلا يتبعض، فالخنزير نجس كله، ولا نقول: "بعضُهُ طاهر، وبعضه نجس "، وكذلك الكلب نجس بعينه؛ فهذا هو مراد المؤلف.

وَقَدْ يسأل سَائلٌ: ما هو دليل استثناء جلد الكلب، على قول مَنْ قالوا: ما دام الكلب نجسًا في حياته، فمن باب أولى أن يكون نجسًا بعد مماته؟

فَالجَوابُ أن نقولَ: استدلُّوا على أن الكلب نجس بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبعًا، أولاهن بالتراب " (١)، وذكرنا رأي الإمام الشافعي في ذلك، وأن العلة إنما هي في لُعَاب الكلب، وقد ذكرنا ما ذَكَره الأطِبَّاءُ أن فيه مادَّة لا يزيلها إلا التُّراب، وَسَبق الكلام عنه في أحكام الطَّهارة والوضوء.

وبَعْضهم -كما بينَّا سابقًا- يَقُول: ورد التنصيص على الخنزير بأنه رجسٌ، فألحقوا الكلب فيه؛ لأنه يُشْبهه في النجاسة.

قوله: (المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى نَجَاسَةِ بَوْلِ ابْنِ آدَمَ وَرَجِيعِهِ) (٢).

هذَا أَمْرٌ مرَّ بنا الحديث عنه، فقَدْ رأينا أن نجاسةَ البول ثبتت بالنَّصِّ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ٢٧) حيث قال: "فأما الأبوال والرجيع، فذلك من ابن آدم نجس إجماعًا". وانظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١/ ٧٢٨) و"المجموع" للنووي (٢/ ٥٤٨) و"الأوسط" لابن المنذر (٢/ ٢٦٢) و"الإجماع" لابن المنذر (ص ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>