للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعية (١)، والحنابلة (٢) يقولون بنجاسته، لكنهم يقولون بأنه يقتصر في تطهيره على النضح، أي: على الرَّسِّ بالماء، وذلك للأحاديث الواردة، كقصة الصغير الَّذي أُتِيَ به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحنَّكَه، فبال عليه الصَّبيُّ، فدعا بماءٍ فَرشَّ أو نضحه (٣)، لكن الحنفية (٤) يرَوْن أنَّ بول الرضيع يُغسَل كغيره.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الحَيَوَانِ).

نأتي في هذا المقام إلى الكلام عن الحيوان، ولعل المسألة تتكرَّر معنا؛ لأن مسائلَ الفقه تتكرَّر وتُفصَّل وتتفرع، حتى إنَّ في "صحيح البخاري" قد يورد الحديث مرتين وثلاثًا وأربعًا وخمسًا وستًّا، وربما أكثر، وذَلكَ بحسب المسائل والمناسبات؛ كذلك هنا قد تأتي مسائل معنا وتتكرَّر، وتكرارها هذا فيه زيادةُ فَائدَةٍ.

المقصود، أن الحيوان ليس نوعًا واحدًا كما بيَّنا سابقًا، فهناك مأكول اللحم، وهناك غير مأكول اللحم، وقد بينَّا أن غير المأكول له أقسام.

ثم نأتي إلى الحيوان مأكول اللحم، فهو أيضًا فيه خلاف بين


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٢٤١) حيث قال: "القسم الثاني من النجاسة وهي المخففة فقال: (وما تنجس) من جامد (ببول صبي لم يَطْعم) بفتح الياء، أي: يتناول قبل مضي حولين (غير لبن) للتغذي (نضح) بضاد معجمة وحاء مهملة، وقيل معجمة أيضًا، ولو كان اللبن من غير آدمي أو من غير طاهرٍ".
(٢) يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (١/ ٣٢٣) حيث قال: " (ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح)، وهذا بلا نزاعٍ، وظاهر كلامه: أنه نجسٌ، وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه الأصحاب ".
(٣) أَخْرَجه البخاري (٦٠٠٢) عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "وضع صبيًّا في حجره يحنكه، فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه ".
(٤) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (١/ ٣٢) حيث قال: " (و) كذلك بول (الصغير والصغيرة أكلا أو لا) لما روينا من غير فصل، وما روي من نضح بول الصبي إذا لم يأكل، فالنضح يذكر بمعنى الغسل "، قال -عليه الصلاة والسلام- لما سئل عن المذي: "انضح فرجك بالماء"، أي: اغسله، فيُحْمل عليه توفيقًا. انظر: "حاشية ابن عابدين" "رد المحتار" (١/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>