للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصل أن الإنسان يخلق من ماء واحد، أي: من ماء الرجل وماء المرأة.

قوله: (وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْقَافَةِ أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ مِحْرِزٌ الْمُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ، وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ" (١)).

فانظر إلى موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو إمام المسلمين في هذا الحديث وهو في " الصحيحين " وسيأتي في رواية فيها مزيد أيضًا في البخاري: "وعليهما قطيفةً قد غَطَّيا رؤوسَهما، وَبَدَتْ أقدامُهما" (٢)، فالحديث الأول: لما جاء المدلجي وزيد بن حارث وأسامة وقد غطى رؤوسهم بقطيفة فهو لا يراهم وقد بدت أقدامهما، فماذا قال بحكم معرفته؟ قال: " إن هذه الأقدام بعضها من بعض "، مع أن إحدى القدمين بيضاء والأخرى سوداء، فنفى بذلك تلك الشبهة والفرية التي كانت تُدَّعى في الجاهلية وتلصق بأسامة، وفرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولًا: لأن في ذلك تزكية وتطهيرًا للمؤمن من الوقوع في المعصية، وفرح كذلك لما كان لزيد وأسامة من مكانة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يملك الأمر عندما دخل على عائشة فقال لها: " ألم تري؟ "، والرؤية هنا ليست بصرية لكنها علمية أو خبرية فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرها بما حصل وبأن ذلك الرجل الذي اشتهر بالقافة مرَّ وأسامة مغطًى بقطيفة مع والده ولم تبد إلا أقدامهما فلما نظر قال: "هذه الأقدام بعضها من بعض "، فسُرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى برقت أسارير وجهه ولمعت، أي: الخطوط التي في جبهته عليه الصلاة والسلام.

قوله: (قَالُوا: وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ).

فقضية القافة قد اشتهرت وعرفت في الجاهلية وأقرها الإسلام ويكفي


(١) البخاري (٦٧٧٠)، ومسلم (١٤٥٩).
(٢) حديث (٦٧٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>