للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَعُمْدَةُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" (١)).

وهذا لم يعتق لكنه كان سببًا فيما هو أعظم من العتق؛ لأن العتق ثوابه عظيم والله -سبحانه وتعالى- حضَّ على ذلك ورغَّب فيه، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن ثواب من تكون عنده جارية فيعلمها ويحسن تعليمها ويؤدبها فيحسن تأديبها ثم يعتقها (٢)، له فضل عظيم عند الله -سبحانه وتعالى-، فإعتاق الرقاب أجره عظيم، لكن هذا انتشل هذا الإنسان من ظلمة الكفر إلى رحاب الإسلام ونور الإيمان، فنقله إلى ما فيه سعادته، وحوله من نار جهنم بأن فتح له الطريق إلى الجنة، ولا شك أن الأمر عظيم من حيث النتيجة.

قوله: (وَإِنَّمَا هَذِهِ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْحَاصِرَةَ (٣)).

فالولاء هنا حصر في المعتق، فلا يتجاوزه.

قوله: (وَكَذَلِكَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ هِيَ عِنْدَهُمْ لِلْحَصْرِ، وَمَعْنَى الْحَصْرِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ خَاصًّا بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيْرُهُ).

يعني: قصر الحكم هنا على المولى.

قوله: (أَعْنِي: أَنْ لَا يَكُونَ وَلَاءٌ بِحَسَبِ مَفْهُومِ هَذَا الْقَوْلِ إِلَّا لِلْمُعْتِقِ فَقَطِ الْمُبَاشِرِ. وَعُمْدَةُ الْحَنَفِيَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْوَلَاءِ بِالْمُوَالَاةِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: ٣٣]، وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: ٣٣]).


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٤٧) عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، قال: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أيما رجل كانت له جارية، فأدبها فأحسن تأديبها، وأعتقها، وتزوجها فله أجران، وأيما عبد أدَّى حق الله وحق مواليه فله أجران ".
(٣) يأتي تعريف الحصر قريبًا في كلام المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>