للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الولاء وهبته" (١)، فالولاء ليست سلعة تُباع، وإنما هو ثابت لصاحب النعمة للمنعم وأيضًا لا يوهَبُ فليس لأحد أن ينقله إلى غيره.

قوله: (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَنْتَ سَائِبَةٌ). وهذا الأمر كانوا يعملون به في الجاهلية، فيأتي السيد المالك فيقول لمملوكه: أنت سائبة (٢)، وقال الله فيما يتعلق بالإبل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: ١٠٣] فهذا كان معروفًا في الجاهلية، لكن ذاك يتعلق بتلك التي كانوا يسرحونها لأصنامهم، والمراد بالسائبة هنا هو المملوك الذي يسيبه سيده، أي: يقول له: أنت سائبة، أو يقول له: أنت عتيق حرٌّ ليس لأي أحد عليك ولاية، وهنا ثمرة الخلاف هي ما يترتب على ذلك فلو قُدِّر أن هذا مات ثم لا يكون له ورثة يرثونه فهل لهذا الذي سيبه أن يرثه؟ وهذا كان موجودًا في الجاهلية، وقد جاء ذلك قصة ابن شرحبيل عندما قال: جاء رجل إلى عبد الله، يعني: عبد الله بن مسعود، فقال: "إني سيبت أو تركت مملوكًا لسائبة وإنه مات ولا وارث له فقال له عبد الله بن مسعود: " إن أهل الإسلام لا يسيبون وإنما الذين يسيبون هم أهل الجاهلية" (٣)، ثم قال له: " إن شئت ورثته وإن تأثمت أو تحرجت فدعه لنا في بيت المال "، فهذه قصة وقعت وأيضًا ورد في حديث هزير بن شرحبيل في "صحيح مسلم ": جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود يستفتيه في هذا الأمر ويخبره بأنه سيب عبدًا له، بمعنى: أنه أعتقه وبأن هذا العبد مات وترك مالًا فما يصنع به؟ فقال له عبد الله بن مسعود:


(١) أخرجه البخاري (٢٥٣٥)، ومسلم (١٥٠٦).
(٢) "السائبةُ": العبدُ، كان الرجل إذا قال لغلامه أنت سائبةٌ فقد عَتَقَ. انظر: "الصحاح" للجوهري (١/ ١٥٠).
(٣) أخرجه البخاري (٦٧٥٣) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: "إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ". وقال الصنعاني في "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" (٣/ ١٣٧١): رواه البرقاني على شرط الصحيح، وللبخاري منه: " إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كان يسيبون ".

<<  <  ج: ص:  >  >>