للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن أهل الإسلام لا يسيبون وأهل الجاهلية يسيبون" (١)، إذًا لا سائبة في الإسلام، وهذا معنى قول عبد الله بن مسعود، "ولك أن ترثه وإن تحرجت فدعه لنا في بيت المال "، إذًا إذا كنت متحرجًا أو لا تريد ذلك فاترك هذا الأمر يدخل في بيت مال المسلمين، وهذا حديث صحيح (٢).

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ (٣): وَلَاؤُهُ وَعَقْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعْنَى الْعِتْقِ فَقَطْ، فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ).

وقد ورد أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أعتق مملوكًا له سائبة (٤)، وهذا كان جائزًا في أول الأمر، ثم إن ذلك المملوك تُوفي وترك مالًا، ولا وارث له، فأخذه عبد الله بن عمر فأعتق به الرقاب، ولذلك تردد قول الإمام أحمد في هذه المسألة (٥)، فإنه حكى في ذلك قول عبد الله بن عمر، فهل هذا هو مذهبه أو أنه يستحب ذلك ومذهبه مع الجمهور الذي أورده المؤلف أو لا؟

قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٦)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٧): وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ عَلَى


(١) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٩/ ٢٥)، ولفظه: "عن هزيل بن شرحبيل قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال له: كان لي عبد فأعتقته وجعلته سائبة في سبيل الله فقال له عبد الله: " إن أهل الإسلام لا يسيبون إنما كان يسيب أهل الجاهلية، وأنت أولى الناس بنعمته، وأحق الناس بميراثه فإن تحرجت من شيء، فأرناه فجعله في بيت المال ".
(٢) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١٠/ ٥٠٥). وقال الصنعاني في "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" (٣/ ١٣٧): "رواه البرقاني على شرط الصحيح ".
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٤١٧) حيث قال: "من قال لعبده أنت سائبة وقصد به العتق عتق وولاؤه للمسلمين ".
(٤) "مصنف عبد الرزاق " (٩/ ٢٧).
(٥) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٥٦٨) حيث قال: "ويثبت الولاء للمعتق حتى لو أعتقه سائبة".
(٦) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١٠/ ٣٧٦) حيث قال: "ولو أعتق عبده على أن لا ولاء له عليه، أو على أن يكون سائبة، أو على أنه لغيره لم يبطل ولاؤه ولم ينتقل كنسبه ".
(٧) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٩/ ٢٢١) حيث قال: " فإن شرط أنه سائبة فالشرط باطل والولاء لمن أعتق؛ لأن الشرط مخالف للنص فلا يصح ".

<<  <  ج: ص:  >  >>