للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابِ قِيَاسِ الأَوْلَى وَالأَحْرَى، لَمْ يَفْهَمْ مِنْ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ طَهَارَةَ أَرْوَاثِهَا، وَأَبْوَالِهَا، وَجَعَلَ ذَلِكَ عِبَادَةً).

رأيت أكثر مَنْ ناقش هذه المسائل فيما أعرف، ودقَّق النظر فيها، وجمع أدِلَّتها: الشافعي، وما رأيت هذا القياس الذي ذكر المؤلف، ولكن المعروف أنهم يستدلون -كما ذكرت- في حديث: "لا يستبرئ من البول "، وآية: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧]، وبقياسها على الحيوانات الأُخرى، لكنه قياس مع الفارق، والفارق معروف؛ فالآدمي معروف من أنَّ بوله ورجيعه يعني: غائطه نجاسات مغلظة تختلف عن غيرها.

أَيْ: كيفَ نقيس علَيه قياس الأَوْلَى، وبالنسبة لبول ابن آدم ورجيعه إلى جانب أن النص مجمع عليه؛ فكيف نقيس أمرًا مختلَفًا فيه، بل ما هو مختلف بأدلة صحيحة صريحة تدلُّ على طهارته؟ فنقيس على أمرٍ إلى جانب أدلَّته الصحيحة من الكتاب والسُّنة، ومجمع على نجاسته، فكيف نقول: هذا قياس! فالمؤلف مر عليه مرور الكرام؛ لأنه لا يحتاج إلى بحثٍ، وليس محل نقاشٍ ولا خلافٍ بين العلماء؛ فهو إلى جانب النصوص فيه، مجمع عليه.

قوله: (وَمَنْ فَهِمَ مِنَ "النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ (١) " النَّجَاسَةَ، وَجَعَلَ إِبَاحَتَهُ لِلْعُرَنِيِّينَ أَبْوَالَ الإِبِلِ لِمَكَانِ المُدَاوَاةِ عَلَى أَصْلِهِ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ).

هذا الَّذي ثار في ذهن المؤلف ربما -والله أعلم ولست أدري مثلًا العلة في ذلك- أنه ربما شك ما دام العرنيون قد شربوا من أبوال الإبل، فلماذا نُهي عن الصلاة في معاقل الإبل، ورُخِّص في الصلاة في مرابض الغنم؟


(١) "العطن": الموضع التي تبرك فيه الإبل إذا رويت وصدرت عن الحوض. "غريب الحديث" لابن قتيبة (١/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>