للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنعام، لكنه ليس بدليلٍ صحيحٍ: حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أنه يأتيه بثلاثة أحجار، فجاءه بحجرين وروث، فأخذ الحجرين وألقى الروث، وقال: "إنها رجسٌ" (١)، فهل كونها رجسًا دليل على نجاستها؟

أما علة النهي عن الاستنجاء بالعظم، أنه ورد أنه "طعام إخوانكم الجن" (٢) " لذلك أيضًا نهي عن أن يستجمر به الإنسان.

قوله: (وَلَوْلَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِحْدَاثُ قَوْلٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فِي المَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً فِيهَا خِلَافٌ لَقِيلَ إِنَّ مَا يَنْتُنُ مِنْهَا ويُسْتَقْذَرُ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْتُنُ وَلَا يُسْتَقْذَرُ).

القَوْل الَّذي أشَار إليه المؤلف لو أُخِذَ به، لقُلْنا: لماذا لا يجتهد في المسائل، فهو يريد أن يقول: ولولا أنه لا يجوز أن يخترع، أو أن يقال قولٌ لم يسبق إليه، نعم عندما تستقر أقوال العلماء أو يلتقون عند أمور فنعم؛ أما في مسائل الاجتهاد فمسائل الاجتهاد واسعة، ومعلوم ما يتعلق بغلق باب الاجتهاد؛ فذلكم مما ذهب إليه أكثر العلماء، والَّذين درسوا ما يُسمَّى بـ "تاريخ التشريع" يعرفون ذلك الأمر، فإن مِن العلماء مَن يرى الاجتهاد، أو أن الاجتهاد وقف عند ابن جرير الطبري، المتوفَّى سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة (٣)، وإنَّما توقَّف العلماء بعد ذلك، وذكروا أن الهمم


(١) أخرجه النسائي (٤٢) عن عبد الله قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغائط، وأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدتُ حجرين والتمستُ الثالث، فلم أجده، فأخذتُ روثةً فأتيت بهن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخذ الحجرين، وألْقَى الروثة، وقال: "هذه ركسٌ"، وقال الأَلْبَانيُّ: حسن صحيح. انظر: "المشكاة" (٣٤٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين" للآلوسي (ص ١٩٥) حيث نقل عن السيوطي أنه قال: "إن الاجتهادَ المطلقَ على قسمين: مطلق غير مُنْتَسبٍ كما عليه الأئمة الأربعة، ومطلق منتسب كما عليه أكابر أصحابهم الَّذين ذَكَرناهم كأبي يوسف=

<<  <  ج: ص:  >  >>