للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكثيرًا ما يشير المؤلف -رحمه الله - إلى الأئمة الأربعة ضمن فقهاء الأمصار، وقد تمسكوا بالأصل الوارد في ذلك.

ومن المعلوم أنه لا يلزم السيد أن يبيع عبده إلى شخص آخر إن طلب منه عبده ذلك، أما لو ألحقَ السَّيدُ الضررَ بعبده وتجاوز حدود الشريعة فتلك مسألة أخبرى (١).

وقطع جمهور العلماء أنَّ هذه مسألة لا خلاف فيها؛ فلا يلزم السيد أن يبيعه إن طلب ذلك، وكذلك أيضًا المكاتبة، لا يلزمه أن يكاتبه إن طلب ذلك.

وكذلك لو طلب العبد من سيده أن يدبَره؛ أي: يعتقة عن دبر- أي: بعد الموت -، بمعني: أن قيد عتقه موقوف على وفاة سيده، وسمي بذلك لأنه ينفذ في دبر الحياة.

وكذلك لو قال لسيده: زوجني، فهذه مسائل مجمع عليها بأنه لا يلزم السيد إذا طلب العبد منه أن يعتقه، أو يدبره، أو يزوجه أن يجيبه إلى مطلبه.

وأمَّا الظاهرية من السلف - وهي رواية أيضًا عن الإمام أحمد، لكنها ليست مشهورة - أخذوا بظاهر الآية، وقالوا بوجوب الأمر، فعلى السيد إذا طلب منه مملوكه أن يكاتبه فليكاتبه عملًا بقول الله -سبحانه وتعالى-: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ


= مطلقًا بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب، قال المصنف والشارح: هذا ظاهر المذهب … وعنه: واجبة إذا ابتغاها من سيده أجبره عليها بقيمته. اختاره أبو بكر في تفسيره. قال في القواعد الأصولية: وهو متجه ".
(١) كأن يمتنع السيد مما يجب عليه تجاه عبده من النفقة والكسوة.
مذهب الحنابلة، يُنظر: "الشرح الكبير"، لأبي الفرج المقدسي (٩/ ٣٠٤)، حيث قال: "ومتى امتنع السيد من الواجب عليه، وطلب العبد البيع لزمه بيعه، وجملة ذلك أن السيد إذا امتنع مما يجب للعبد عليه من نفقة أو كسوة أو تزويج، فطلب العبد البيع أجبر سيده عليه، سواء كان امتناع السيد من ذلك لعجزه عنه، أو مع قدرته عليه؛ لأن بقاء ملكه عليه مع الإخلال بسد خلاته إضرار به، وإزالة الضرر واجبة؛ فوجب إزالته ".

<<  <  ج: ص:  >  >>