للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} وقد اختلف الأئمة الأربعة فيما يتعلق بالآية؛ فالشافعية والحنابلة: قالوا بالوجوب، والمالكية والحنفية: قالوا بعدم الوجوب، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله.

قوله: (فَقَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ).

ومنهم الأئمة الأربعة.

قوله: (إِنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هُوَ وَاجِبٌ (١)، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَى عِتْقِ مَمْلُوكِهِ).

الأصل الشرعي ألَّا يُجبَر المالك أن يبيع أو يعتق رقبة يملكها، فكما لا يُجبَر أن يبيع داره وسيارته فكذلك لا يُجبر أن يبيع مملوكه أو يعتقه، ويجبر استثناءً على بيع داره في بعض الحالات؛ كتعارض هذه الدار مع حاجة المجتمع بأن تقع في طريق يحتاجه المسلمون، أو ينتفعون منه عمومًا، فإذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة قُدِّمت مصلحة الجماعة قطعًا (٢).

قوله: (حَمَلُوا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى النَّدْبِ لِئَلَّا تَكُونَ مُعَارِضَةً لِهَذَا


(١) سبق ذكر هذه المذاهب.
(٢) وكما لو كان له أرض هي طريق للمسلمين فليس له أن يمنعهم من سلوكها. يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٢٣/ ١٩١ - ١٩٢) حيث قال: "ولو أراد المسلمون أن يمروا في أرض ليسقوا ماءً فمنعهم صاحبها، فإن لم يكن له طريق غيره لم يكن له أن يمنعهم، وإن كان يملك رقبتها، ولكنهم يمرون في أرضه ومشرعته بغير إذنه؛ لأن الموضع موضع الحاجة والضرورة، فالماء سبب لحياة العالم، فإذا لم يجدوا طريقًا آخر كان هذا الطريق متعينًا لوصولهم منه إلى حاجتهم، فليس له أن يمنعهم من ذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>