للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَصْلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْبَيْعِ لَهُ، وَهُوَ خُرُوجُ رَقَبَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ).

فلا يلزم السيد رفع شكاية للقاضي ضد مملوكه إن طلب منه أن يبيعه؛ لأنه خالص ماله، ولا يجوز أن يُلزمه أحدٌ على بيعه كذلك، لكن يلزمه أمور تجاه مملوكه كأن يحسن إليه، ولا يؤذيه؛ بل قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا جَاءَ خَادِمُ أَحَدِكُمْ بِطَعَامِهِ، فَلْيَبْدَأْ بِهِ فَلْيُطْعِمْهُ، أَوْ لِيُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَإِنَّهُ وَليَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ " (١)، بمعني: أن الخادم لو صنع طعامًا لسيده فلا شك أنه سيناله شيء من حرارة ودخان ذلك الطعام الذي تعب فيه وشم رائحته، فعلى السيد أن يطعمه منه، وهذا من باب الإحسان.

قوله: (فَأَحْرَى أَنْ لَا يُحْكَمَ لَهُ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ هُوَ مَالِكُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ كسْبَ الْعَبْدِ هُوَ لِلسَّيِّدِ) (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥٤٦٠) عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: " إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه؛ فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه ".
وأخرجه مسلم (١٦٦٣/ ٤٢)، ولفظه: "إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه، ثم جاءه به، وقد ولي حره ودخانه، فليقعده معه، فليأكل، فإن كان الطعام مشفوهًا قليلاً، فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين "، قال داود: "يعني لقمة، أو لقمتين ".
(٢) ذكر الجصاص أدلة على الندب، يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٨/ ٣٤٠) حيث قال: " ومن الدليل على ذلك: أنا لم نَرَ في الأصول من استحق عليه العقد على ملكه، كالبيع والهبة وسائر العقود، فلما كان في سائر الأصول أن الإنسان غير مستحق عليه العقد على ملكه، وأنه مخير بين فعله وتركه، رددنا حكم الكتابة إلى ما اتفقنا عليه، واستدللنا به على أن عقد الكتابة على الندب ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" لأبي العباس القرطبي (١٣/ ١٣٥) حيث قال: "والإجماع منعقدٌ على أن السيد لا يجبر على بيع عبده، وإن ضُوعف له في الثمن، وإذا كان كذلك كان أحرى وأولى ألا يخرج عن ملكه بغير عوض ". وانظر: "المعونة" للقاضي عبد الوهاب (ص ١٤٦٣ - ١٤٦٤).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٨/ ١٤١، ١٤٢) حيث قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>