للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمال السيد أو جزء منه ربما يكون من كسب عبده؛ حيث كانوا قديمًا يمكثون في منازلهم، ويعمل عبيدهم عندهم أو عند غيرهم، ويجلبون المال لأسيادهم، فجدير بسيد ذلك العبد أن يعينه ويساعده ويرفق به، بأن يفتح له طريقًا للمكاتبة والعتق، ولا يلزمه عتقه؛ إنما ما يفعله معه من باب المساعدة والإحسان.

قوله: (وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ أَقْرَبُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَرْكانِهِ).

لأن المسألة تتعلق بالعقد الذي يتم بينهم، بين وجوبه أو لا، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} فمذهب الجمهور هنا واضح الدلالة.

قوله: (وَهَذَا الْعَقْدُ بِالْجُمْلَةِ هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مِنْ سَيّدِهِ بِمَالٍ يَكْتَسِبُهُ الْعَبْدُ).

تعريف الكتابة: إعتاق السيِّد عبدَه على مالٍ يُؤدَّى مؤجَّلًا (١).


= "ذهب الشافعي وأبو حنيفة ومالك ومن تقدمهم من الفقهاء والتابعين إلى أنها ندب لا تجب؛ استدلالًا بأن عقد الكتابة يتردد بين أصلي حظر يجذبه كل واحد منهما إلى حكمه؛ أحدهما: أنه غرر؛ لأنه عقد على موجود بمعدوم، والثاني: أنه معاوض على ملكه بملكه، فصار الأمر بالكتابة واردًا بعد حظرها؛ فاقتضى أن يحمل على الإباحة دون الوجوب، وكذلك الكتابة معاوضة، وأصول الشرع تمنع من وجوب عقود المعاوضات كالبيع والإيتاء مواساة، وأصول الشرع لا تمنع من وجوب المواساة كالزكاة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١٠/ ٣٦٦)، حيث قال: " لنا: أنه إعتاق بعوض، فلم يجب؛ كالاستسعاء، والآية محمولة على الندب، وقول عمر يخالف فعل أنس ".
(١) الكتابة عند الأحناف: تحرير المملوك يدًا في الحال، ورقبة في المآل.
يُنظر: "حاشية الشلبي على تبيين الحقائق" حيث قال: (٥/ ١٤٩): "والكتابة: عقد يستفاد به المال بمقابلة ما ليس بمال، على وجه ما يحتاج فيه إلى ذكر العوض بالإيجاب والقبول بطريق الأصالة ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>