للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (لَا يَجُوزُ حَتَّى يَصِفَهُ).

فالبيع من جهة السلعة أنواع:

منه ما يتم ببيع سلعة مشاهدة وهذا ليس فيه خلاف.

ومنه ما يتم ببيع سلعة غير مشاهدة، ولكنها موصوفة، وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء، والصحيح: جوازه بشرط أن توصف وصفًا دقيقًا، بحيث يجد المشتري تلك الأوصاف كاملة منطبقة على السلعة.

قوله: (فَمَنِ اعْتَبَرَ فِي هَذَا طَلَبَ الْمُعَايِنَةِ شَبَّهَهُ بِالْبُيُوعِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مَقْصُودُهُ الْمُكَارَمَةُ، وَعَدَمُ التَّشَاحِّ، جَوَّزَ فِيهِ الْغَرَرَ الْيَسِيرَ، كَحَالِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّدَاقِ).

فمن شبَّه هذا العقد بالبيع - وهم الشافعية والحنابلة - اشترطوا فيه المعاينة، حتَّى يكون معلومًا بأن يوقف على الوصف، وأن يعرف جنسه حتَّى لا يبقي مبهمًا مجهولًا (١).

وقال المالكية والحنفية: بأن هذا عقد تمَّ بين سيِّدٍ ومملوكه، وأصل هذا العقد: قصد المكارمة، والمساعدة، والرفق، وإعانة ذلك المكاتب، فينبغي أن يُبنى على التسامح والتساهل في الأمور اليسيرة، من غرر،


(١) مذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٨/ ١٤٤، ١٤٥)، حيث قال: "قال الشافعي - رضي الله عنه -: "وما جاز بين المسلمين في البيع والإجارة جاز في الكتابة وما رد فيهما رد في الكتابة"، قال الماوردي: لأن الكتابة عقد معاوضة فلم تصح إلا بعوض معلوم وأجل معلوم كالبيع والإجارة، فإن كانت على عوض مجهول، أو إلى أجل مجهول كانت الكتابة باطلة ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي في فقه الإمام أحمد" لابن قدامة (٢/ ٣٣٤) حيث قال: "ولا تصح المكاتبة إلا على عوض؛ لأنها عقد معاوضة، فأشبه البيع، ومن شرطه أن يكون مؤجلًا؛ لأن جعله حالًا يفضي إلى العجز عن أدائه وفسخ العقد بذلك فيفوت المقصود، وأن يكون منجمًا نجمين فصاعدًا في قول أبي بكر … ويجب أن تكون النجوم معلومة، ويعلم في كل نجم قدر المؤدى، وأن يكون العوض معلومًا بالصفة؛ لأنه عوض في الذمة، فوجب فيه العلم بذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>