انتهى المؤلف من بحثِ أمرٍ هامٍّ، ألا وهو النجاسة غير القليلة، أو النجاسة الكثيرة، ونحن عرفنا أن النجاسات على نوعين:
* نجاسة مغلظة: كالبول والغائط والدم المسفوح، كما قال تعالى:{إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥]، وهي أمور مجمع على نجاستها إلى جانب النصوص التي وردت، ولا داعي أن نعيد تفصيل ذلك.
*نجاسة مخففة: وهَذِهِ هي التي لم يتكلم المؤلف عنها، وهي قليل النجاسة، وليست أيضًا محل اتفاق بين العلماء، ولم يكن العلماء متفقين على أن قليل النجاسة معفوٌّ عنه، فمنهم مَنْ يعفو عن قليل النجاسة وخاصة في الدم.
وهناك أمرٌ هامٌّ يُسْتحسن أن ننبِّه عليه، وهو أن النجاسة المخففة تدور في أمور ثلاثة:
الأول: إما أن يكون سببها الضرورة.
الثاني: أو أن يكون سببها ما تعم به البلوى.
الثالث: أو أن يكون تخفيفها لصعوبة الاحتراز منها.
فهذه الأمور الثلاثة تُسَمى:"عِلَل النجاسة".
وَمِنْ أدلَّة تلك الأمور: أنه قد يأتي الإنسان فيستخدم النجاسة، يَقُولُ الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة: ٣]، ثم قال:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}[المائدة: ٣]، أي: أن الإنسان الذي جاع وخشي على نفسه الهلاك، ولم يجد إلَّا ميتًا، أي: اضطر في مخمصةٍ