للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أكل الميت؛ فهو يأكل منها، مع أنها نجسة، لكن هذا باب من أبواب الضرورات (١).

وقَدْ يكون التخفيف لعموم البلوى، وقد مر بنا أن من أسباب التخفيف: عموم البلوى (٢)، كما نجد في الطين الذي في الشوارع، وما نجده أيضًا بالنسبة للمرأة المستحاضة، وكذلك مَنْ به سَلَس البول.

وهناك نجاسات يَصعُب التَّحَرُّز منها، هذه أيضًا مما يدخل فيه التخفيف.

إذًا، التخفيف قَدْ يكون لضرورةٍ، وقَدْ يكون لصعوبة التحرُّز من النجاسة ولمشقَّته، وقد يكون لعموم بلوى ابتلي بها الإنسان، كمَنْ به سَلَس البول، أو امرأة مستحاضة، وأمثال هؤلاء.


(١) اختلف العلماء في أكل الميتة للمضطر: فمنهم مَنْ يرى أن أكل الميتة عزيمة لا رخصة؛ لوجوب الأكل، وذلك لأنه سبب لإحياء النفس، وما كان كذلك فهو واجب، ولقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] اختاره من الشافعية إلكيا الهراسي. انظر: "أحكام القرآن" للكيا الهراسي (١/ ٤٢).
ومنهم من يرى أن أكل الميتة من الرخص الواجبة، وهذا مذهب الشافعية، انظر "المجموع" للنووي (٤/ ٣٣٦)، و"البحر المحيط" للزركشي.
ومنهم مَنْ يرى أن أكل الميتة للمضطر جائز، وليس بواجب، بناءً على أن القول بالوجوب يتنافى مع الترخيص، فلا يأثم بالامتناع عن أكلها، مثله مثل لو أخذ بالعزيمة، وامتنع عن قول كلمة الكفر. وقيل: يبقى التحريم، ويرتفع الإثم فقط؛ لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣]، فنفى الإثم فقط، وإلى هذا ذهب أبو يوسف من الحنفية. انظر: "التقرير والتحرير" (٢/ ١٥١).
(٢) يُنظر: "البحر المحيط" للزركشي (٦/ ٢٥٨) حيث قال: "قال الشيخ أبو حامد الإسفراييني في "تعليقه": ومعنى قولنا: تعم به البلوى: أن كل أحد يحتاج إلى معرفته".
ويُنظر: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٣/ ١٦) حيث قال: "عموم البلوى: ما يمس الحاجة إليه في عموم الأحوال".

<<  <  ج: ص:  >  >>