للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرى عن الإمام أحمد (١)، وروي ذلك عن عبد الله بن عمر (٢)، وهو أيضًا قول الأوزاعي، وقيل: إنها رواية للإمام مالك أيضًا (٣).

أما جمهور العلماء الذين استدلوا على جواز مكاتبة غير القوي دون كراهة بقصة جويرية بنت الحارث؛ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا سَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَلِابْنِ عَمِّهِ فَكَاتَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَكَانَتِ امْرَأَةً جَلْدَةً مَلَّاحَةً لَا يَكَادُ يَرَاهَا أَحَد إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَسْتَعِينُهُ فِي كِتَابَتِهَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَقَفْتُ عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ فَرَأَيْتُهَا كَرِهْتُهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ مَا رَأَيْتُ، فَقَالَتْ جُوَيْرِيَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ عَرَفْتَ، فَكَاتَبْتُ عَلَى نَفْسِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أسْتَعِينُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ؟ " فَقَالَتْ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "أَتَزَوَّجُكِ وَأَقْضِيَ عَنْكِ كتَابَكِ"، فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: "قَدْ فَعَلْتُ "، فَلَمَّا بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ قَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَرْسَلُوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، قَالَتْ: فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً


(١) وهي التي عليها المذهب.
يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٥٩٨) حيث قال: " (وتكره) الكتابة (لمن لا كسب له)؛ لئلا يصير كَلًّا على الناس، ويحتاج إلى المسألة".
وانظر: "الأنصاف "، للمرداوي (٧/ ٤٤٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٣٧٤) عن الثوري، عن عبد الكريم الجزري، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه كان يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له حرفة، قال: يقول: تطعمني من أوساخ الناس؟ ".
(٣) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٣٥٢)، حيث قال: "وروي عن مالك أيضًا كراهية ذلك، وكره الأوزاعي وأحمد وإسحاق كتابة من لا حرفة له، وعن عمر وابن عمر ومسروق مثل ذلك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>