للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا (١).

فانظر إلى الفضيلة التي نالتها، فحصلت على المال فأصبحت حرة، ثم تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت النتيجة أن تسارع الصحابة - رضي الله عنهم -، وأعتقوا كل واحد من قومها، وقالوا: أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا ينبغي أن يكونوا تحت الرق؛ فتسابقوا إلى إعتاقهم، وهذا دليل على جواز أن يكاتب إنسان لا كسب له (٢).

وأما الفريق الآخر القائل بالكراهة، فقد استدلوا بما أُثر عن عمر - رضي الله عنه -، فعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي خِزَانَةِ حِمْصٍ كِتَابًا مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ -وَكَانَ عَامِلًا لَهُ-، فَإِذَا فِيهِ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مِنْ قِبَلَكَ أَنْ يُفَادُوا أَرِقَّائِهِمْ عَلَى مَسْأَلَة النَّاسِ" (٣).

فقالوا: أثر عمر نص في هذه المسألة، وعليه تفسر الكراهة بأنها خشية سؤال الناس.

وهذا أيضًا قد أُثر عن عبد الله بن عمر، فإنه أيضًا دليل لأصحاب القول بكراهة ذلك، وجاء التعليل عن عبد الله بن عمر بأنه كره ذلك (٤).

وأيضًا أثر ذلك عن سلمان الفارسي، فعن أبي ليلى الكندي: أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - أراد منه مملوك له أن يكاتبه فقال: "أعندك شيء؟ " قال: "لا"، قال: "من أين لك؟ " قال: "أسأل الناس، فأبى أن يكاتبه،


(١) أخرجه أبو داود (٣٩٣١)، وابن حبان (٤٠٥٥)، وحسنه الألباني في "التعليقات الحسان " (٤٠٤٣).
(٢) واستدلوا أيضًا بأن بريرة كوتبت، ولا يعلم لها كسب، وبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فلم ينكره ولم يمنع منه. انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء"، لابن المنذر (٧/ ٨).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٣٧٤).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>