للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَالَةُ؛ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ " قَالَتْ: "الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَا أَنَهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا" (١).

وكم من مرة خرج الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد ربط الحزام على بطنه الشريفة، ومعه الحجارة حتَّى يتقي شدة الجوع (٢).

قوله: (وَكَرِهَ أَنْ تُكَاتَبَ الْأَمَةُ الَّتِي لَا اكتِسَابَ لَهَا بِصِنَاعَةٍ؛ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الزِّنَا) (٣).

لأنها ربَّما تقع في المعصية، فالرجل مهما كان أمره أخف، لكن المرأة أمرها صعب، ومع ذلك كرهوا ذلك، ولكن المرأة العفيفة مهما


(١) أخرجه البخاري (٢٥٦٧)، ومسلم (٢٩٧٢/ ٢٨).
(٢) من ذلك: ما أخرجه الترمذي (٢٣٧١)، عن أنى بن مالك، عن أبي طلحة، قال: "شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجوع ورفعْنا عن بطوننا عن حَجَرٍ حَجَرٍ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حجرين ".
ومن ذلك أيضًا: ما أخرجه أبو يعلى (٤/ ٨) عن جابر، قال: "لما كان الخندق نظرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجدته قد وضع حجزا بينه وبين إزاره يقيم به صلبه من الجوع ".
وكلا الحديثين حسنهما الألباني بمجموع طرقهما في "السلسلة الصحيحة" (١٦١٥).
(٣) يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٩٩٨) حيث قال: "يجوز مكاتبة العبد القن الذي هو غير مكتسب، ويكره في الأمة إذا لم تكن مكتسبة؛ لما روي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: "لا تكلِّفوا الأمة الكسب، فإنها تكسب بفرجها"، روي ذلك مرفوعًا". وانظر: "روضة المستبين" لابن بزيزة (٢/ ١٣٤١).
وحكي في المذهب وجه بالجواز، ينظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٥٠) حيث قال في حديث بريرة: "وفيه دليل على إجازة كتابة الأمة وهي غير ذات صنعة، وكتابة من لا حرفة له ولا مال معه؛ إذ ظاهر الخبر أنها ابتدأت بالسؤال من حين كوتبت، ولم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل لها مال أو عمل واجب أو مال؟ ولو كان هذا واجبًا لسأل عنه؛ ليقع علمه عليه؛ لأنه بعث مبينًا ومعلمًا - صلى الله عليه وسلم - ". وانظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (٧/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>