للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضاقت بها الدنيا؛ فإنها ستحفظ قيمَتها وشرفها، ونعلم قصة أحد الذين انطبق عليهم الغار، حين قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ المِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا" (١).

إذًا فالمرأة، وكذلك الرجل الذي يخشى الله -سبحانه وتعالى- لا يقع في المحرم، مهما ضاقت به السبل، ومهما أصابه من القرح (٢)، فإنه لا يقع في المحرم؛ لأن خشية الله-سبحانه وتعالى- عنده فوق كل خشية، ومحبة الله تعالى فوق كل محبة.

قوله: (وَأَجَازَ مَالِكٌ كِتَابَةَ الْمُدَبَّرَةِ، وَكُلِّ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ، إِلَّا أُمَّ الْوَلَدِ (٣)؛ إِذْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا) (٤).

ومعه في ذلك أيضًا أكثرُ العلماء، ومنهم الإمام أحمد -رحمه الله- (٥).


(١) أخرجه البخاري (٣٤٦٥)، ومسلم (٢٧٤٣/ ١٠٠) عن ابن عمر.
(٢) القرح والقرحة، بفتح القاف وسكون الراء: هي ألمُ الجرح، ثم استعملت في الجراح والقروح الخارجة في الجسد وفي كلِّ ألَمٍ من شيءٍ، قال الله تعالى: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} وقوله: "حتى قرحت أشداقنا" بكسر الراء، أي: أصابتها قروح. انظر: "مشارق الأنوار"، للقاضي عياض (٢/ ١٧٧).
(٣) أم الولد هي: الأمة يطأها سيدها فتحمل منه. انظر: "القوانين الفقهية"، لابن جزي (ص ٢٥٢).
(٤) يُنظر: "الكافي في فقه أهل المدينة" لابن عبد البر (٢/ ٩٩٦) حيث قال: "ولا تجوز كتابة أم الولد، فإن كانت أم ولده فسخت كتابتها إن أدركته، وإن فأتت بالأداء علقت ولم ترجع على سيدها بشيء مما أدَّتْه إليه، وجائز كتابة المدبرة، فإن أدَّت كتابتها قبل موت سيدها عتقت ".
(٥) وافق الأحناف والشافعية والحنابلة المالكيةَ في جواز كتابة المدبر إلا أنهم خالفوهم في أنهم أجازوا كتابة أم الولد بينما لم يجزها المالكية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>