المراد هنا: بأنه لو كاتب عبده وهو على فراش الموت، وهذه الحالة يتعلق بها أحكام كثيرة، كما مر في باب العتق، وكذلك لو طلق امرأته وهو في مرضه الذي مات فيه، وكذلك أيضًا ما يتعلق بالمكاتبة.
أما العتق فينفذ؛ لأن فيه خيرًا ومصلحة، وكذلك المكاتبة، لكن هل يكون في الثلث أو في عامة ماله؟ لأنه قد مَرَّ في المباحث الوصية واختلاف العلماء فيها، وأن الوصية مما شُرِعت، وأنه ربما يقصِّر الإنسان في هذه الحياة، فشرعت له الوصية؛ حتَّى يتدارك ما فاته، فيترك عملًا طيبًا يجد عقباه بعد مماته.
ثم اختلفوا هل له أن يوصي بجميع ماله؟
فمنهم من قال: لا يجوز؛ لحديث سعد بن أبي وقاص فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ:"يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ:"لَا"، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ، قَالَ:"لَا"، قُلْتُ: الثُّلُثُ، قَالَ:"فَالثّلثُ، وَالثّلثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ "(١).
وبعضهم يرى أنه لا يصل إلى الثلث.
تم اختلفوا فبعضهم قال: الربع، وبعضهم قال: الخمس، وما اختاره أبو بكر وما اختاره غيره، وكل ذلك قد مرَّ تفصيلا.