للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَنَّهُ يَرِقُّ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْبَعْضِ، وَرُوِيَ عَنِ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِ).

ومن السلف متقدم ومتأخر كما هو معلوم، ويعبَّر عن المتأخرين بالخلف، وكل من نهج منهج السلف قيل عنه سلفي؛ لأنه سار على طريق الكتاب والسنة، فأشار المؤلف -رحمه الله- إلى قول السلف المتقدمين، الذين كانوا في الصدر الأول، بأن مجرد تمام عقد الكتابة يصبح العبد حرًّا، ثم بعد ذلك يبدأ بأداء ما عليه، ولو عجز فحينئذ تبدأ المطالبة.

قوله: (سِوَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَقْوَال أَرْبَعَةٌ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ).

أي: بمجرد أن تتم الكتابة يصير حرًّا، وقد نقل هذا عن ابن عبد البر، ولم يسمِّ هؤلاء (١).

قوله: (وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى).

هذا للحديث الذي سيأتي، وهو قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (٢).


(١) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٣٧٢)، حيث قال: "فأما السلف قبلهم فقد روي عنهم في ذلك اختلاف كثير منه: أن المكاتب إن أعقدت له الكتابة فهو غريم من الغرماء لا يرجع إلى الرق أبدًا؛ لأنه قد ابتاع نفسه من سيده بثمن معلوم إلى أجل معلوم، وهذا قول تردُّه السنة الثابتة في قصة بريرة من حديث عائشة وغيرها: أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا … فهذا يدل ويبين أن المكاتب عبد جائز بيعه للعتاقة إذا عقدت كتابته ولم يؤد منها شيئًا، وأنه لو كان يعقد كتابته حرًا غريمًا من الغرماء لم يجز بيعه عند أكثر العلماء".
وممن نقل هذا أيضًا ابن القطان، قال: "وأجمعوا أن المكاتب لا يعتق بعقد الكتابة حتى يؤدي شيئًا من المال، إلا رواية شذ بها أيوب الفرائضي عن ابن عباس بغير إسناد ذكره له إليه: أنه يعتق ويكون جميع المال دينًا عليه ". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ١٣٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٤١٠) عن معمر عن قتادة أن عليا قال في المكاتب: "يورث بقدر ما أدى، ويجلد الحد بقدر ما أدى، ويعتق بقدر ما أدى، وتكون ديته بقدر ما أدى".

<<  <  ج: ص:  >  >>