للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة قد اختُلف فيها -كما مر- بين الصحابة، وتنوعت أقوالهم، فعليٌّ له قول، وعمرُ له قول، وعبد الله بن مسعود له قول، وزيد بن ثابت له قول، وعائشة لها قول؛ لأن عائشة قولها كقول الجمهور، وابن عمر رأيه كرأي الجمهور، إذًا اختلف الصحابة فى هذه المسألة، فلا يقال بأن قول فلان هنا هو القول الصحيح، لكن ننظر الأدلة في هذا المقام، ونقدم الأقوى، وهو الأحوط، هذا الذي ننظر فيه في هذا المقام (١).

قوله: (وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ خَامِسٌ: إِذَا أَدَّى الثَّلَاثَةَ الْأرْبَاعِ عُتِقَ) (٢).

هذا القول فيما يتعلق بقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣]، والذي يؤتى في قول بعض العلماء: أي شيء يؤتى، كما هو مذهب الإمام الشافعي ومالك، وإن كان الإمام مالك والشافعي


= وأما قول الصحابي: "أوجب علينا كذا، أو حظر علينا كذا، أو أبيح لنا كذا"؛ فإنه يفهم منه أن الموجب المبيح الحاظر هو النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الإباحة والحظر والإيجاب على الحقيقة لا تحصل من بشر سواه.
وإذا قال الإنسان: "من السنة كذا"؛ لم يعقل منه إلا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أن قولنا: هذا الفعل طاعة، يفيد أنه طاعة لله تعالى ولرسوله.
وأما قول الصحابي: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ": فقد قال قوم: "إنه يحتمل أن يكون أخبره غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمعه منه "، وقال قوم: "الظاهر أنه سمعه منه ".
وأما إذا قال الصحابي: "كنا نفعل كذا وكذا": فالظاهر منه أنه قصد أن يعلمنا بهذا الكلام حكمًا ويفيدنا شرعًان ولا يكون كذلك إلا وقد كانوا يفعلونه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه يظهر له فلا ينكره.
وأما إذا قال الصحابي قولا لا مجال للاجتهاد فيه: فحسن الظن به يقتضي أن يكون قاله عن طريق، فإذا لم يكن الاجتهاد فليس إلا أنه سمعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وينظر أيضًا: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٢/ ٩٧).
(١) سبق ذكر هذه الآثار.
(٢) سبق ذكر هذا القول عن عطاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>